تيسير التفسير لإبراهيم القطان - إبراهيم القطان  
{ٱعۡلَمُوٓاْ أَنَّ ٱللَّهَ شَدِيدُ ٱلۡعِقَابِ وَأَنَّ ٱللَّهَ غَفُورٞ رَّحِيمٞ} (98)

بعد أن أرشدنا الله تعالى في الآية السابقة إلى بعض آياتِ علمه في خلقه ، نبهنا هنا إلى أن العليم بكل شيء ، لا يمكن أن يترك الناس سُدًى ، كما أنه لم يخلُقهم عَبَثا ، فلا يليق بحكمته وعدله أن يجعل الذين اجترحوا السيئات كالذين عملوا الصالحات ، ولا أن يسوّي بين الطيب والخبيث ، فيجعل البَرّ كالفاجر . لا بد إذن من الجزاء بالحق . ولا يملك الجزاء إلا من يقدر على العقاب كما على المغفرة والرحمة . لذلك جاءت هذه الآيات ترغيباً وترهيباً ، فقال : { اعلموا أَنَّ الله شَدِيدُ العقاب وَأَنَّ الله غَفُورٌ رَّحِيمٌ } ، فلأنه يعلم ما في السموات والأرض ، لا يخفى عليه شيء من سرائر أعمالكم وعلانيتها . ومن ثم فهو شديدٌ عقابُه لمن عصاه ، وواسعة مغفرته لمن أطاعه وأناب إليه . والله سبحانه وتعالى دائما يوعد ويَعِد ، والرحمة غالبة . لذلك يغفر كثيرا من ظلم الناس لأنفسهم { وَيَعْفُواْ عَن كَثِيرٍ } .