الجامع لأحكام القرآن للقرطبي - القرطبي [إخفاء]  
{وَٱضۡرِبۡ لَهُم مَّثَلًا أَصۡحَٰبَ ٱلۡقَرۡيَةِ إِذۡ جَآءَهَا ٱلۡمُرۡسَلُونَ} (13)

قوله تعالى : " واضرب لهم مثلا أصحاب القرية إذ جاءها المرسلون " خطاب للنبي صلى الله عليه وسلم ، أمر أن يضرب لقومه مثلا بأصحاب القرية{[13199]} هذه القرية هي أنطاكية في قول جميع المفسرين فيما ذكر الماوردي . نسبت إلى أهل أنطبيس وهو اسم الذي بناها ثم غير لما عرب . ذكره السهيلي . ويقال فيها : أنتاكية بالتاء بدل الطاء . وكان بها فرعون يقال له أنطيخس بن أنطيخس يعبد الأصنام . ذكره المهدوي ، وحكاه أبو جعفر النحاس عن كعب ووهب . فأرسل الله إليه ثلاثة : وهم صادق ، وصدوق ، وشلوم هو الثالث . هذا قول الطبري . وقال غيره : شمعون ويوحنا . وحكى النقاش : سمعان ويحيى ، ولم يذكرا صادقا ولا صدوقا . ويجوز أن يكون " مثلا " و " أصحاب القرية " مفعولين لأضرب ، أو " أصحاب القرية " بدلا من " مثلا " أي اضرب لهم مثل أصحاب القرية فحذف المضاف . أمر النبي صلى الله عليه وسلم بإنذار هؤلاء المشركين أن ما يحل بهم ما حل بكفار أهل القرية المبعوث إليهم ثلاثة رسل . قيل : رسل من الله على الابتداء . وقيل : إن عيسى بعثهم إلى أنطاكية للدعاء إلى الله . وهو قوله تعالى : " إذ أرسلنا إليهم اثنين "


[13199]:الزيادة من حاشية الجمل عن القرطبي.
 
نظم الدرر في تناسب الآيات و السور للبقاعي - البقاعي [إخفاء]  
{وَٱضۡرِبۡ لَهُم مَّثَلًا أَصۡحَٰبَ ٱلۡقَرۡيَةِ إِذۡ جَآءَهَا ٱلۡمُرۡسَلُونَ} (13)

ولما انتهى الكلام إلى هنا ، وكان مقصود السورة كما سلف إثبات الرسالة لإنذار يوم الجمع ، وكان الإنذار غاية ، وكانت الغايات هي المقاصد بالذات ، وكانت غاية الإنذار اتباع الذكر ، فكان ذلك غاية الغاية ، كان الكلام على المتبعين أولى بالتقديم على أنه يلزم من الكلام فيهم الكلام في أضدادهم ، وهم المعرضون الذين حق عليهم القول والكلام على اليوم المنذر به ، فلذلك ضرب المثل الجامع لذلك كله ، ومر إلى أن صور البعث تصويراً لم يتقدم مثله ، ثم عطف بآية الطمس وما بعدها على القسم المعرض ، ثم رجع إلى الكلام على الرسول والكتاب .

ولما دل سبحانه على ما له من القدرة الكاملة بالأفعال الهائلة من كل من الإماتة والإحياء الحسيين والمعنويين إبداء وإعادة ، وكان ضرب الأمثال بالمشاهدات ألصق شيء بالبال ، وأقطع للمراء والجدال ، وأكتشف لما يراد من الأحوال ، قال عاطفاً على { فبشره } مبيناً للأصل الثالث الذي هو الأول بالأصالة المقصود بالذات ، وهو التوحيد ، ضامّاً إليه الأصلين الاخرين ، ليكون المثل جامعاً ، والبرهان به واضحاً ساطعاً : { واضرب لهم } أي لأجلهم بشارة بما يرجى لهم عند إقبالهم ، ونذارة لما يخشى عليهم عند إعراضهم وإدبارهم { مثلاً } أي مشاهداً في إصرارهم على مخالفة الرسول وصبره عليهم ولطفه بهم ، لأنا ختمنا على قلوبهم على الكفران مع قربهم منك في النسب والدار ، وفوز غيرهم لأنا نورنا قلوبهم مع البعد في النسب والدار بالإيمان وثمراته الحسان ، لأنهم يخشون الرحمن بالغيب ، ولا يثبتون على الغباوة والريب .

ولما ذكر المثل ، أبدل منه قوله : { أصحاب القرية } التي هي محل الحكمة واجتماع الكلمة وانتشار العلم ومعدن الرحمة . ولما كان الممثل به في الحقيقة إنما هو إخبارها بأحوال أهلها لأنها وجه الشبه ، وكانت أخبارها كثيرة في أزمنة مديدة ، عين المراد بقوله : { إذ } وهي بدل اشتمال من القرية مسلوخة من الظرفية . ولما كان الآتي ناحية من بلد وإن عظم يعد في العرف آتياً لذلك البلد ، أعاد الضمير على موضع الرسالة تحقيقاً له وإبلاغاً في التعريف بمقدار بعد الأقصى فقال : { جاءها } أي القرية لإنذار أهلها { المرسلون * } أي عن الله لكونهم عن رسوله عيسى عليه السلام أرسلهم بأمره لإثبات ما يرضيه سبحانه ونفي ما يكرهه الذين هم من جملة من قيل في فاطر إنهم جاؤوا بالبينات وبالزبر ، والتعريف إما لكونهم يعرفون القرية ويعرفون أمرها ، وإما لأنه شهير جداً فهم بحيث لو سألوا أحداً من أهل الكتاب الذين يعتنون بها أخبرهم به ، لأنه قد عهد منهم الرجوع إليهم بالسؤال ليبينوا لهم - كما زعموا - مواضع الإشكال .

 
التفسير الميسر لمجموعة من العلماء - التفسير الميسر [إخفاء]  
{وَٱضۡرِبۡ لَهُم مَّثَلًا أَصۡحَٰبَ ٱلۡقَرۡيَةِ إِذۡ جَآءَهَا ٱلۡمُرۡسَلُونَ} (13)

{ وَاضْرِبْ لَهُمْ مَثَلاً أَصْحَابَ الْقَرْيَةِ إِذْ جَاءَهَا الْمُرْسَلُونَ ( 13 ) إِذْ أَرْسَلْنَا إِلَيْهِمْ اثْنَيْنِ فَكَذَّبُوهُمَا فَعَزَّزْنَا بِثَالِثٍ فَقَالُوا إِنَّا إِلَيْكُمْ مُرْسَلُونَ ( 14 ) }

واضرب -يا محمد- لمشركي قومك الرادِّين لدعوتك مثلا يعتبرون به ، وهو قصة أهل القرية ، حين ذهب إليهم المرسلون ،