الجامع لأحكام القرآن للقرطبي - القرطبي [إخفاء]  
{فَأَقۡبَلَ بَعۡضُهُمۡ عَلَىٰ بَعۡضٖ يَتَسَآءَلُونَ} (50)

قوله تعالى : " فأقبل بعضهم على بعض يتساءلون " أي يتفاوضون فيما بينهم أحاديثهم في الدنيا . وهو من تمام الأنس في الجنة . وهو معطوف على معنى " يطاف عليهم " المعنى يشربون فيتحادثون على الشراب كعادة الشراب . قال بعضهم :

وما بقيتْ من اللذات إلا *** أحاديث الكرام على المُدَامِ

فيقبل بعضهم على بعض يتساءلون عما جرى لهم وعليهم في الدنيا ، إلا أنه جيء به ماضيا على عادة الله تعالى في إخباره .

 
نظم الدرر في تناسب الآيات و السور للبقاعي - البقاعي [إخفاء]  
{فَأَقۡبَلَ بَعۡضُهُمۡ عَلَىٰ بَعۡضٖ يَتَسَآءَلُونَ} (50)

ولما كان ذلك الاجتماع إنما هو للسرور ، وكان السرور لا يتم إلا بالمنادمة ، وكان أحلى المنادمة ما يذكر بحلول نعمة أو انحلال نقمة ، تسبب عن ذلك ولا بد قوله إشارة إلى فراغ البال وصحة العقل بالإصابة في المقال : { فأقبل بعضهم } أي أهل الجنة بالكلام ، وأشار إلى أن مجرد الإقبال بالقصد يلفت القلوب إلى سماعه بأداة الاستعلاء فقال : { على بعض } أي لأجل الكلام الذي هو روح ذلك المقام ، وأما المواجهة فقد تقدم أنها دائمة ، وبين حال هذا الإقبال فقال : { يتساءلون * } أي يتحدثون حديثاً بيناً لا خفاء بشيء منه بما أشار إليه الإظهار بما حقه أن يهتم به ويسأل عنه من أحوالهم التي خلصوا منها بعد أن كادت ترديهم ، وسماه سؤالاً لأنه مع كونه أهلاً لأن يسأل عنه - لا يخلو عن سؤال أدناه سؤال المحادث أن يصغي إلى الحديث ، وعبر عنه بالماضي إعلاماً بتحققه تحقق ما وقع .