الجامع لأحكام القرآن للقرطبي - القرطبي  
{قَالُواْ لَا ضَيۡرَۖ إِنَّآ إِلَىٰ رَبِّنَا مُنقَلِبُونَ} (50)

وقال السحرة لما توعدهم فرعون بقطع الأيدي والأرجل " لا ضير " أي لا ضرر علينا فيما يلحقنا من عذاب الدنيا ، أي إنما عذابك ساعة فنصبر لها وقد لقينا الله مؤمنين . وهذا يدل على شدة استبصارهم وقوة إيمانهم . قال مالك : دعا موسى عليه السلام فرعون أربعين سنة إلى الإسلام ، وأن السحرة آمنوا به في يوم واحد . يقال : لا ضير ولا ضَور ولا ضر ولا ضرر ولا ضارورة بمعنى واحد ، قاله الهروي . وأنشد أبو عبيده{[12197]} :

فإنك لا يضُورُك بعد حول *** أظبيٌ كان أمك أم حمار

وقال الجوهري : ضَارَه يضُورُه ويضِيرُه ضَيْرًا وضَوْرًا أي ضَرَّه . قال الكسائي : سمعت بعضهم يقول لا ينفعني ذلك ولا يضورني . والتضور الصياح والتلوي عند الضرب أو الجوع . والضُّورَةُ بالضم الرجل الحقير الصغير الشأن . " إنا إلى ربنا منقلبون " يريد نتقلب إلى رب كريم رحيم .


[12197]:البيت لخداش بن زهير، واستشهد به سيبويه في كتابه على جعل اسم كان نكرة وخبرها معرفة ضرورة. والمعنى: لا تبالي بعد قيامك بنفسك واستغنائك عن أبويك من انتسبت إليه من شريف أو وضيع، وضرب المثل بالظبي أو الحمار.