الجامع لأحكام القرآن للقرطبي - القرطبي  
{فَأَتۡبَعُوهُم مُّشۡرِقِينَ} (60)

قوله تعالى : " فأتبعوهم مشرقين " أي فتبع فرعون وقومه بني إسرائيل . قال السدي : حين أشرقت الشمس بالشعاع . وقال قتادة : حين أشرقت الأرض بالضياء . قال الزجاج : يقال شرقت الشمس إذا طلعت ، وأشرقت إذا أضاءت . واختلف في تأخر فرعون وقومه عن موسى وبني إسرائيل على قولين : أحدهما : لاشتغالهم بدفن أبكارهم في تلك الليلة ؛ لأن الوباء في تلك الليلة وقع فيهم ، فقوله : " مشرقين " حال لقوم فرعون . الثاني : إن سحابة أظلتهم وظلمة فقالوا : نحن بعد في الليل فما تقشعت عنهم حتى أصبحوا . وقال أبو عبيدة : معنى " فأتبعوهم مشرقين " ناحية المشرق . وقرأ الحسن وعمرو بن ميمون : " فاتبعوهم مشرقين " بالتشديد وألف الوصل ، أي نحو المشرق ؛ مأخوذ من قولهم : شرق وغرب إذا سار نحو المشرق والمغرب . ومعنى الكلام قدرنا أن يرثها بنو إسرائيل فاتبع قوم فرعون بني إسرائيل مشرقين فهلكوا ، وورث بنو إسرائيل بلادهم .