الجامع لأحكام القرآن للقرطبي - القرطبي  
{أَمۡ لَهُمۡ سُلَّمٞ يَسۡتَمِعُونَ فِيهِۖ فَلۡيَأۡتِ مُسۡتَمِعُهُم بِسُلۡطَٰنٖ مُّبِينٍ} (38)

قوله تعالى : " أم لهم سلم " أي أيدعون أن لهم مرتقى إلى السماء ومصعدا وسببا " يستمعون فيه " أي عليه الأخبار ويصلون به إلى علم الغيب ، كما يصل إليه محمد صلى الله عليه وسلم بطريق الوحي . " فليأت مستمعهم بسلطان مبين " أي بحجة بينة أن هذا الذي هم عليه حق . والسلم واحد السلالم التي يرتقى عليها . وربما سمي الغرز بذلك ، قال أبو الرُّبَيْس الثعلبي يصف ناقته :

مُطَارَةٌ قَلْبٍ إن ثَنَى الرِّجْلَ ربُّها *** بِسُلَّمِ غَرْزٍ في مُنَاخٍ يعاجله

وقال زهير :

ومن هاب أسباب المنية يَلْقَهَا{[14317]} *** ولو رام أسباب السماء بسلم

وقال آخر :

تَجَنَّيْتِ لي ذنبا وما إن جَنَيْتُه *** لتتخذي عُذْراً إلى الهَجْرِ سُلمَا

وقال ابن مقبل في الجمع :

لا تُحْرِزُ المرءَ أَحْجَاءُ البلاد ولا *** يُبْنَى له في السموات السَّلاَلِيمُ

الأحجاء النواحي مثل الأرجاء واحدها حجا ورجا مقصور . ويروى : أعناء البلاد ، والأعناء أيضا الجوانب والنواحي واحدها عِنو بالكسر . وقال ابن الأعرابي : واحدها عناً مقصور . وجاءنا أعناء من الناس واحدهم عنو بالكسر ، وهم قوم من قبائل شتى . " يستمعون فيه " أي عليه ، كقوله تعالى : " في جذوع النخل{[14318]} " [ طه : 71 ] أي عليها ، قال الأخفش . وقال أبو عبيدة : يستمعون به . وقال الزجاج : أي ألهم كجبريل الذي يأتي النبي صلى الله عليه وسلم بالوحي .


[14317]:ويروى: *ومن هاب أسباب المنايا ينله* وهي الرواية المشهورة.
[14318]:راجع جـ 11 ص 224.