لطائف الإشارات للقشيري - القشيري [إخفاء]  
{وَأُزۡلِفَتِ ٱلۡجَنَّةُ لِلۡمُتَّقِينَ غَيۡرَ بَعِيدٍ} (31)

قوله جلّ ذكره : { وَأُزْلِفَتِ الْجَنَّةُ لِلْمُتَّقِينَ غَيْرَ بَعِيدٍ } .

يقال : إنَّ الجنَّةَ تُقَرَّبُ من المتقين ، كما أَنَّ النّار تُجَرُّ بالسلاسل إلى المحشر نحو المجرمين .

ويقال : بل تقرب الجنة بأن يسهل على المتقين حشرهم إليها . . . وهم خواص الخواص .

ويقال : هم ثلاثةُ أصناف : قوم يُحْشَرون إلى الجنة مشاةً وهم الذين قال فيهم :

{ وَسِيقَ الَّذِينَ اتَّقَوْاْ رَبَّهُمْ إِلَى الْجَنَّةِ زُمَراً } [ الزمر : 73 ] - وهم عوام المؤمنين وقوم يحشرون إلى الجنة ركبانا على طاعاتهم المصوَّرة لهم بصورة حيوان ، وهم الذين قال فيهم جَلَّ وعلا : { يَوْمَ نَحْشُرُ الْمُتَّقِينَ إلَى الرَّحْمَانِ وَفداً } [ مريم : 85 ]- وهؤلاء هم الخواص وأمَّا خاص الخاص فهم الذين قال عنهم : { وَأُزْلِفَتِ الْجَنَّةُ لِلْمُتَّقَينَ } أي تُقَرَّبُ الجنةُ منهم .

وقوله : { غَيْرَ بَعِيدٍ } : تأكيدٌ لقوله : " وأزلفت " .

ويقال : { غَيْرَ بَعِيدٍ } : من العاصين تطييباً لقلوبهم .

 
روح المعاني في تفسير القرآن والسبع المثاني للآلوسي - الآلوسي [إخفاء]  
{وَأُزۡلِفَتِ ٱلۡجَنَّةُ لِلۡمُتَّقِينَ غَيۡرَ بَعِيدٍ} (31)

{ وَأُزْلِفَتِ الجنة لِلْمُتَّقِينَ } أخذ في بيان حال المؤمنين بعد بيان حال الكافرين ؛ وهو عطف على { نفخ } [ ق : 20 ] أي قربت للمتقين عن الكفر والمعاصي { غَيْرَ بَعِيدٍ } أي في مكان غير بعيد بمرأى منهم بين يديهم وفهي مبالغة ليست في التخلية عن الظرف فغير بعيد صفة لظرف متعلق بأزلفت حذف فقام مقام وانتصب انتصابه ، ولذلك لم يقل غير بعيدة ، وجوز أن يكون منصوباً على المصدرية والأصل وأزلفت إزلافاً غير بعيد ، قال الإمام : أي عن قدرتنا وإن يكون حالاً من الجنة قصد به التوكيد كما تقول : عزيز غير ذليل لأن العزة تنافي الذل ونفي مضاد الشيء تأكيد إثباته ، وفيه دفع توهم أن ثم تجوزا أو شوبا من الضد ولم يقل : غير بعيدة عليه قيل : لتأويل الجنة بالبستان ، وقيل : لأن البعيد على زنة المصدر الذي من شأنه أن يستوي فيه المؤنث والمذكر كالزئير والصليل فعومل معاملته وأجرى مجراه ، وقيل : لأن فعيلاً بمعنى فاعل قد يجري مجرى فعيل بمعنى مفعول فيستوي فيه الأمران ، وللإمام في تقريب الجنة أوجه . منها طي المسافة التي بينها وبين المتقين مع بقاء كل في مكانه وعدم انتقاله عنه ولكرامة المتقين قيل : { أُزْلِفَتْ الجنة لِلْمُتَّقِينَ } دون وأزلف المتقون للجنة ، ومنها أن المراد تقريب حصولها والدخول فيها دون التقريب المكاني ، وفيه ما فيه ، ومنها أن التقريب على ظاهره والله عز وجل قادر على نقل الجنة من السماء إلى الأرض أي إلى جهة السفل أو الأرض المعروفة بعد مدها ، وقول بعض : إن المرا إظهارها قريبة منها على نحو إظهارها للنبي صلى الله عليه وسلم في عرض حائط مسجده الشريف على ما فيه منزع صوفي .

 
تيسير الكريم المنان في تفسير القرآن لابن سعدي - ابن سعدي [إخفاء]  
{وَأُزۡلِفَتِ ٱلۡجَنَّةُ لِلۡمُتَّقِينَ غَيۡرَ بَعِيدٍ} (31)

{ وَأُزْلِفَتِ الْجَنَّةُ } أي : قربت بحيث تشاهد وينظر ما فيها ، من النعيم المقيم ، والحبرة والسرور ، وإنما أزلفت وقربت ، لأجل المتقين لربهم ، التاركين للشرك ، صغيره وكبيره ، الممتثلين لأوامر ربهم ، المنقادين له .