تأويلات أهل السنة للماتريدي - الماتريدي  
{وَأُزۡلِفَتِ ٱلۡجَنَّةُ لِلۡمُتَّقِينَ غَيۡرَ بَعِيدٍ} (31)

الآية 31 وقال{[19804]} تعالى : { وأُزلفت الجنة للمتقين } أي قُرّبت . وذكر في آية أخرى : { وسيق الذين اتقوا ربهم إلى الجنة زُمرًا } [ الزمر : 73 ] ذكر ههنا تقريب الجنة إلى أهلها ، وذكر ثم سوق أهل الجنة إليها ، فبين الآيتين مخالفة من حيث الظاهر . ولكن يحتمل وجهين :

أحدهما : أن أهل الجنة إذا قُرّبوا منها بالسوق إليها ، قرّبت هي إليهم لأن أحد الشيئين إذا قُرّب إلى الآخر قَرُب الآخر منه ، ويزول البُعد بزوال المسافة ، وذلك ومعروف .

والثاني{[19805]} : أن يكون إخبارا عن وصف الجنة أنها بحال تُقرّب إلى أهلها ، وتُزلَف .

ذكر في الجنة التقريب وفي النار البُروز والظهور بقوله : { وبُرّزت الجحيم للغاوين } [ الشعراء : 91 ] . فهو ، والله أعلم ، لأن{[19806]} أهل النار كانوا يجحدون النار ، وينكرونها { وبُرّزت لجحيم للغاوين } ليروها ، ويطّالعوا عليها ، وهو كقوله عز وجل : { لتروُنّ الجحيم } [ التكاثر : 6 ] .

فأما أهل التوحيد فإنهم كانوا يقرّون بالجنة ، ولكن لا يرون أنفسهم من أهلها لما بدا{[19807]} منهم من الخطايا . والزّلاّت ، ويرونها بعيدة من أنفسهم . فذكر الله تعالى التقريب لهم ، ووعدهم بذلك ، والله أعلم .

وقوله تعالى : { غير بعيدٍ } [ يحتمل وجوها :

أحدها : ]{[19808]} أي { غير بعيد } منهم بل بحيث يرونها وقت وقوفهم في القيامة ، والله أعلم .

والثاني : أي { غير بعيد } منهم في الدنيا ، أي يأتونها{[19809]} ، ويكونون من أهلها عن قريب لأن كل آت فكأنه قد أتى ، والله أعلم .

والثالث{[19810]} : أي { غير بعيد } منهم في الجنة إذا دخلوها : الثمار{[19811]} والفواكه ، بل قريب منهم ، يتناولون كيف شاؤوا والله أعلم .


[19804]:في الأصل وم: وقوله.
[19805]:في الأصل وم: ويحتمل.
[19806]:في الأصل وم: أن.
[19807]:في الأصل وم: بدوت.
[19808]:ساقطة من الأصل وم.
[19809]:من م، في الأصل: يأتوننا.
[19810]:في الأصل وم: ويحتمل.
[19811]:أدرج قبلها في الأصل وم: من.