روح المعاني في تفسير القرآن والسبع المثاني للآلوسي - الآلوسي [إخفاء]  
{وَلَحۡمِ طَيۡرٖ مِّمَّا يَشۡتَهُونَ} (21)

{ وَلَحْمِ طَيْرٍ مّمَّا يَشْتَهُونَ } مما تميل نفوسهم إليه وترغب فيه ، والظاهر أن فاكهة ولحم معطوفان على { أكواب } [ الواقعة : 18 ] فتفيد الآية أن الولدان يطوفون بهما عليهم ، واستشكل بأنه قد جاء في الآثار أن فاكهة الجنة وثمارها ينالها القائم والقاعد والنائم ، وعن مجاهد أنها دانية من أربابها فيتناولونها متكئين فإذا اضطجعوا نزلت بإزاء أفواههم فيتناولونها مضطجعين ، وأن الرجل من أهل الجنة يشتهي الطير من طيور الجنة فيقع في يده مقلياً نضجاً ، وقد أخرج هذا ابن أبي الدنيا عن أبي أمامة .

وأخرج عن ميمونة مرفوعاً «أن الرجل ليشتهي الطير في الجنة فيجيء مثل البختي حتى يقع على خوانه لم يصبه دخان ولم تمسه نار فيأكل منه حتى يشبع ثم يطير » إلى غير ذلك ، وإذا كان الأمر كما ذكر استغنى عن طوافهم بالفاكهة واللحم ، وأجيب بأن ذلك والله تعالى أعلم حالة الاجتماع والشرب ، ويفعلون ذلك للإكرام ومزيد المحبة والتعظيم والاحترام ، وهذا كما يناول أحد الجلساء على خوان الآخر بعض ما عليه من الفواكه ونحوها وإن كان ذلك قريباً منه اعتناءاً بشأنه وإظهاراً لمحبته والاحتفال به ، وجوز أن يكون العطف على { جنات النعيم } [ الواقعة : 12 ] وهو من باب متقلداً سيفاً ورمحاً أو من بابه المعروف ، وتقديم الفاكهة على اللحم للإشارة إلى أنهم ليسوا بحالة تقتضي تقديم اللحم كما في الجائع فإن حاجته إلى اللحم أشد من حاجته إلى الفاكهة بل هم بحالة تقتضي تقديم الفاكهة واختيارها كما في الشبعان فإنه إلى الفاكهة أميل منه إلى اللحم ، وجوز أن يكون ذلك لأن عادة أهل الدنيا لاسيما أهل الشرب منهم تقديم الفاكهة في الأكل وهو طباً مستحسن لأنها ألطف وأسرع انحداراً وأقل احتياجاً إلى المكث في المعدة للهضم ، وقد ذكروا أن أحد أسباب الهيضة إدخال اللطيف من الطعام على الكثيف منه ولأن الفاكهة تحرك الشهوة للأكل واللحم يدفعها غالباً .

ويعلم من الوجه الأول وجه تخصيص التخير بالفاكهة والاشتهاء باللحم ، وفيه إشارة إلى أن الفاكهة لم تزل حاضرة عندهم وبمرأى منهم دون اللحم ووجه ذلك أنها مما تلذه الأعين دونه ، وقيل : وجه التخصيص كثرة أنواع الفاكهة واختلاف طعومها وألوانها وأشكالها وعدم كون اللحم كذلك ، وفي التعبير بيتخيرون دون يختارون وإن تقاربا معنى إشارة لمكان صيغة التفعل إلى أنهم يأخذون ما يكون منها في نهاية الكمال وأنهم في غاية الغنى عنها ، والله تعالى أعلم بأسرار كلامه .

 
التفسير الشامل لأمير عبد العزيز - أمير عبد العزيز [إخفاء]  
{وَلَحۡمِ طَيۡرٖ مِّمَّا يَشۡتَهُونَ} (21)

قوله : { ولحم طير مما يشتهون } . ويتناولون من الطير ما يحبون ويتمنون .

 
الجامع التاريخي لبيان القرآن الكريم - مركز مبدع [إخفاء]  
{وَلَحۡمِ طَيۡرٖ مِّمَّا يَشۡتَهُونَ} (21)

تفسير مقاتل بن سليمان 150 هـ :

{ولحم طير} يعني من لحم الطير {مما يشتهون}...

جامع البيان عن تأويل آي القرآن للطبري 310 هـ :

"وَفاكِهَةٍ مِمّا يَتَخَيّرُونَ" يقول تعالى ذكره: ويطوف هؤلاء الولدان المخلدون على هؤلاء السابقين بفاكهة من الفواكه التي يتخيّرونها من الجنة لأنفسهم، وتشتهيها نفوسهم.

"ولَحْمِ طَيْرٍ مِمّا يَشْتَهُونَ" يقول: ويطوفون أيضا عليهم بلحم طير مما يشتهون من الطير الذي تشتهيه نفوسهم...

تأويلات أهل السنة للماتريدي 333 هـ :

{ولحم طير مما يشتهون} إن أهل الجنة إنما يتناولون على الشهوة لا على الحاجة وسد الجوع، وهو كما ذكر: {وفيها ما تشتهيه الأنفس وتلذ الأعين} [الزخرف: 71]...

جهود الإمام الغزالي في التفسير 505 هـ :

ثم قال: {ولحم طير مما يشتهون} ثم أفضل ما يقدم بعد الفاكهة اللحم والثريد. (الإحياء: 2/19)...

تفسير القرآن العظيم لابن كثير 774 هـ :

{وَلَحْمِ طَيْرٍ مِمَّا يَشْتَهُونَ}، قال الإمام أحمد: حدثنا سيار بن حاتم، حدثنا جعفر بن سليمان الضبعي، حدثنا ثابت، عن أنس، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إن طير الجنة كأمثال البخت، يرعى في شجر الجنة". فقال أبو بكر: يا رسول الله، إن هذه لطير ناعمة فقال: " أكلتها أنعم منها -قالها ثلاثا- وإني لأرجو أن تكون ممن يأكل منها". تفرد به أحمد من هذا الوجه.

نظم الدرر في تناسب الآيات و السور للبقاعي 885 هـ :

ولما ذكر ما جرت العادة بتناوله لمجرد اللذة، أتبعه ما العادة أنه لإقامة البينة وإن كان هناك لمجرد اللذة أيضاً فقال: {ولحم طير} ولما كان في لحم الطير مما يرغب عنه، احترز عنه بقوله: {مما يشتهون} أي غاية الشهوة بحيث يجدون لآخره من اللذة ما لأوله...

فتح القدير الجامع بين فني الرواية والدراية من علم التفسير للشوكاني 1250 هـ :

{و} كذا {لَحْم} عطفاً على {أكواب}: أي يطوفون عليهم بهذه الأشياء المأكول والمشروب والمتفكه به...

روح المعاني في تفسير القرآن والسبع المثاني للآلوسي 1270 هـ :

... في التعبير بيتخيرون دون يختارون وإن تقاربا معنى إشارة لمكان صيغة التفعل إلى أنهم يأخذون ما يكون منها في نهاية الكمال وأنهم في غاية الغنى عنها...