في ظلال القرآن لسيد قطب - سيد قطب [إخفاء]  
{وَأَغۡطَشَ لَيۡلَهَا وَأَخۡرَجَ ضُحَىٰهَا} (29)

( وأغطش ليلها وأخرج ضحاها ) . . وفي التعبير شدة في الجرس والمعنى ، يناسب الحديث عن الشدة والقوة . وأغطش ليلها أي أظلمه . وأخرج ضحاها . أي أضاءها . ولكن اختيار الألفاظ يتمشى في تناسق مع السياق . . وتوالي حالتي الظلام والضياء ، في الليل والضحى الذي هو أول النهار ، حقيقة يراها كل أحد ؛ ويتأثر بها كل قلب . وقد ينساها بطول الألفة والتكرار ، فيعيد القرآن جدتها بتوجيه المشاعر إليها . وهي جديدة أبدا . تتجدد كل يوم ، ويتجدد الشعور بها والانفعال بوقعها . فأما النواميس التي وراءها فهي كذلك من الدقة والعظمة بحيث تروع وتدهش من يعرفها . . فتظل هذه الحقيقة تروع القلوب وتدهشها كلما اتسع علمها وكبرت معرفتها !

/خ33

 
روح المعاني في تفسير القرآن والسبع المثاني للآلوسي - الآلوسي [إخفاء]  
{وَأَغۡطَشَ لَيۡلَهَا وَأَخۡرَجَ ضُحَىٰهَا} (29)

{ فَسَوَّاهَا وَأَغْطَشَ لَيْلَهَا } أي جعله مظلماً يقال غطش الليل وأغطشه الله تعالى كما يقال ظلم وأظلمه ويقال أيضاً أغطش الليل كما يقال أظلم وجاء ليلة غطشاء وليل أغطش وغطش قال الأعشى

: عقرت لهم ناقتي موهنا *** فليلهم مدلهم غطش

وفي «البحر » عن كتاب اللغات في القرآن أغطش أظلم بلغة أنمار وأشعر { وَأَخْرَجَ ضحاها } أي أبرز نهارها والضحى في الأصل على ما يفهم من كلام الراغب انبساط الشمس وامتداد النهار ثم سمي به الوقت المعروف وشاع في ذلك وتجوز به عن النهار بقرينة المقابلة وقيل الكلام على حذف مضاف أي ضحى شمسها أي ضوء شمسها وكنى بذلك عن النهار والأول أقرب وعبر عن النهار بالضحى لأنه أشرف أوقاتها وأطيبها وفيه من انتعاش الأرواح ما ليس في سائرها فكان أوفق لمقام تذكير الحجة على منكري البعث وإعادة الأرواح إلى أبدانها وقيل إنه لذلك كان أحق بالذكر في مقام الامتنان وإضافة الليل والضحى إلى السماء لأنهما يحدثان بسبب غروب الشمس وطلوعها وهي سماوية أو وهماً إنما يحصلان بسبب حركتها على القول بحركتها لاتحادها مع الفلك أو وهماً إنما يحصلان بسبب حركة الشمس في فلكها فيها على القول بأن السماء والفلك متغايران والمتحرك إنما هو الكوكب في الفل كما يقتضيه ظاهر قوله تعالى كل في فلك يسبحون وإن الفلك ليس إلا مجرى الكوكب في السماء وقيل أضيفا إليها لأنهما أول ما يظهران منها إذ أول الليل بإقبال الظلام من جهة المشرق وأول النهار بطلوع الفجر وإقبال الضياء منه وفي «الكشاف » أضيف الليل والشمس إلى السماء لأن الليل ظلها والشمس هي السراج المثقب في جوها واعترض بأن الليل ظل الأرض وأجيب بأنه اعتبار بمرأى الناظر كذلك كما أن زينة السماء الدنيا أيضاً اعتبار بمرأى الناظر وقيل إضافتهما إليها باعتبار أنهما إنما يحدثان تحتها وشملا بهذا الاعتبار ما لم يكد يخطر في أذهان العرب من ليل ونهار طول كل منهما ستة أشهر وهما ليل ونهار عرض تسعين حيث الدور رحوى وتعقب بأنهم قالوا إن ظل الأرض لمخروطي ينتهي إلى فلك الزهرة وهي في السماء الثالثة فالحصر غير تام وفيه نظر فتأمل وبالجملة الإضافة لأدنى ملابسة