الجامع لأحكام القرآن للقرطبي - القرطبي  
{وَأَغۡطَشَ لَيۡلَهَا وَأَخۡرَجَ ضُحَىٰهَا} (29)

قوله تعالى : " وأغطش ليلها " أي جعله مظلما ، غطش الليل وأغطشه الله ، كقولك : ظلم [ الليل ]{[15785]} وأظلمه الله . ويقال أيضا : أغطش الليل بنفسه . وأغطشه الله كما يقال : أظلم الليل ، وأظلمه الله . والغطش والغبش : الظلمة . ورجل أغطش : أي أعمى ، أو شبيه به ، وقد غطش ، والمرأة غطشاء ، ويقال : ليلة غطشاء ، وليل أغطشى وفلاة غطشى لا يهتدى لها ، قال الأعشى :

ويَهْمَاء بالليل غَطْشَى الفَلا *** ة يؤنِسنِي صوت فَيَادِها{[15786]}

وقال الأعشى أيضا :

عَقَرْتُ لهم مَوْهِنًا ناقتِي *** وغامرُهم مدلَهِمٌ غَطِشْ

يعني بغامرهم ليلهم ، لأنه غمرهم بسواده . وأضاف الليل إلى السماء لأن الليل يكون بغروب الشمس ، والشمس مضاف إلى السماء ، ويقال : نجوم الليل ، لأن ظهورها بالليل .

قوله تعالى : " وأخرج ضحاها " أي أبرز نهارها وضوءها وشمسها . وأضاف الضحى إلى السماء كما أضاف إليها الليل ؛ لأن فيها سبب الظلام والضياء وهو غروب الشمس وطلوعها .


[15785]:هذه الزيادة من اللسان عن الفراء، قال: ظلم الليل بالكسر وأظلم بمعنى.
[15786]:الفياد بفتح الفاء وضمها: ذكر البوم.