اللباب في علوم الكتاب لابن عادل - ابن عادل  
{وَأَغۡطَشَ لَيۡلَهَا وَأَخۡرَجَ ضُحَىٰهَا} (29)

قوله تعالى : { وَأَغْطَشَ } . أي : أظلم بلغة أنمار ، يقال : غطشَ الليلُ ، وأغطشته أنا ؛ قال : [ المتقارب ]

5100- عَقرْتُ لَهُمْ نَاقَتِي مَوهِناً *** فَليْلهُم مُدلَهِمٌّ غَطِشْ{[59300]}

وليل أغطش ، وليلة غطشاء .

قال الراغب : وأصله من الأغطش ، وهو الذي في عينه شبه عمش ، ومنه فلاة غَطْشَى لا يهتدى فيها ، والتَّغَاطشُ : التَّعامِي انتهى .

ويقال : أغْطشَ اللَّيْلُ قاصراً ك «أظلم » ، ف «أفْعَلَ » فيه متعدٍّ ولازمٍ ، فالغَطَشُ والغَتَشُ : الظُّلمة ، ورجل أغطش ، أي : أعْمَى ، أو شبيهٌ به ، وقد غطش ، والمرأة : غطشاءُ ، وفلاة غَطْشَى لا يهتدى لها ؛ قال الأعشى : [ المتقارب ]

5101- وبَهْمَاءَ بالليْلِ غَطْشَى الفَلاَ *** ةِ يُؤنِسُنِي صَوْتُ قَيَّادِهَا{[59301]}

ومعنى قوله : { وَأَغْطَشَ لَيْلَهَا } أي : جعلهُ مُظلماً ، وأضاف اللَّيل إلى السَّماء ؛ لأنَّ الليل يكون بغروب الشمس ، والشمس تضاف إلى السماء ، ويقال : نجُومُ اللَّيْلِ ؛ لأنَّ ظهورها بالليل .

قوله : { وَأَخْرَجَ ضُحَاهَا } ، فيه حذف ، أي : ضحى شمسها ، وأضاف الليل والضحى لها للملابسة التي بينها وبينهما ، وإنَّما عبَّر عن النَّهارِ بالضحى ؛ لأنَّ الضُّحى أكمل النَّهار بالنَّور والضَّوءِ .


[59300]:ينظر القرطبي 19/133، والدر المصون 6/475.
[59301]:ينظر ديوانه ص 260، والقرطبي 19/133، واللسان (غطش).