في ظلال القرآن لسيد قطب - سيد قطب [إخفاء]  
{وَنَزَّلۡنَا مِنَ ٱلسَّمَآءِ مَآءٗ مُّبَٰرَكٗا فَأَنۢبَتۡنَا بِهِۦ جَنَّـٰتٖ وَحَبَّ ٱلۡحَصِيدِ} (9)

1

وبعد هذه اللفتة يمضي في عرض صفحات الحق في كتاب الكون - في طريقه إلى قضية الإحياء والبعث :

( ونزلنا من السماء ماء مباركا ، فأنبتنا به جنات وحب الحصيد ، والنخل باسقات لها طلع نضيد . رزقا للعباد وأحيينا به بلدة ميتا . كذلك الخروج ) . .

والماء النازل من السماء آية تحيي موات القلوب قبل أن تحيي موات الأرض . ومشهده ذو أثر خاص في القلب لا شك فيه . وليس الأطفال وحدهم هم الذين يفرحون بالمطر ويطيرون له خفافا . فقلوب الكبار الحساسين تستروح هذا المشهد وتصفق له كقلوب الأطفال الأبرياء ، القريبي العهد بالفطرة !

ويصف الماء هنا بالبركة ، ويجعله في يد الله سببا لإنبات جنات الفاكهة وحب الحصيد - وهو النبات المحصود -

 
معالم التنزيل في تفسير القرآن الكريم للبغوي - البغوي [إخفاء]  
{وَنَزَّلۡنَا مِنَ ٱلسَّمَآءِ مَآءٗ مُّبَٰرَكٗا فَأَنۢبَتۡنَا بِهِۦ جَنَّـٰتٖ وَحَبَّ ٱلۡحَصِيدِ} (9)

قوله تعالى : { ونزلنا من السماء ماءً مباركاً } كثير الخير وفيه حياة كل شيء ، وهو المطر ، { فأنبتنا به جنات وحب الحصيد } يعني البر والشعير وسائر الحبوب التي تحصد ، فأضاف الحب إلى الحصيد ، وهما واحد لاختلاف اللفظين ، كما يقال : مسجد الجامع وربيع الأول . وقيل : وحب الحصيد أي : وحب النبت الحصيد .

 
نظم الدرر في تناسب الآيات و السور للبقاعي - البقاعي [إخفاء]  
{وَنَزَّلۡنَا مِنَ ٱلسَّمَآءِ مَآءٗ مُّبَٰرَكٗا فَأَنۢبَتۡنَا بِهِۦ جَنَّـٰتٖ وَحَبَّ ٱلۡحَصِيدِ} (9)

ولما كان إنزال الماء أبهر الآيات وأدلها على أنه أجلّ من أن يقال : إنه داخل العالم أو خارجه ، أو متصل به أو منفصل عنه ، مع أن به تكوّن النبات وحصول الأقوات وبه حياة كل شيء ، أفرده تنبيهاً على ذلك فقال : { ونزلنا } أي شيئاً فشيئاً في أوقات على سبيل التقاطر وبما يناسب{[61102]} عظمتنا التي لا تضاهى بغيب ، بما له من النقل والنبوع-{[61103]} والنفوذ فنزل دفعة واحدة فأهلك ما نزل عليه فزالت المفقرة وعادت المنفعة مضرة { من السماء } أي المحل العالي الذي لا يمسك فيه الماء عن دوام التقاطر إلا بقاهر { ماء مباركاً } أي نافعاً جداً ثابتاً لا خيالاً محيطاً بجميع منافعكم .

ولما كان الماء سبباً في تكون الأشياء ، وكان ذلك سبباً في انعقاده حتى يصير خشباً وحباً وعنباً ، وغير ذلك عجباً ، قال : { فأنبتنا } معبراً بنون{[61104]} العظمة { به جنات } من الثمر والشجر والزرع وغيره مما تجمعه البساتين فتجنّ - أي تستر - الداخل فيها . ولما كان القصب الذي يحصد فيكون حبه قوتاً للحيوان وساقه للبهائم ، خصه بقوله : { وحب الحصيد } أي النجم الذي من شأنه أن يحصد من البر والشعير ونحوهما ، وأومأ بالتقييد إلى أن هذه الحبوب أشرف من حب اللآلىء الذي ينبته الله من المطر لأنها لقيام النبتة ؟ وتلك للزينة ،


[61102]:ليس واضحا في مد.
[61103]:زيد من مد من الجانب الواضح.
[61104]:في الأصل: عن عظمة.