وبعد هذه الجولة في مصرع فرعون وملئه ، ونجاة موسى وقومه ، وابتلائهم بالآيات بعد فتنة فرعون وأخذه . . بعد هذه الجولة يعود إلى موقف المشركين من قضية البعث والنشور ، وشكهم فيها ، وإنكارهم لها . يعود ليربط بين قضية البعث وتصميم الوجود كله وبنائه على الحق والجد ، الذي يقتضي هذا البعث والنشور :
( إن هؤلاء ليقولون : إن هي إلا موتتنا الأولى وما نحن بمنشرين . فأتوا بآبائنا إن كنتم صادقين . أهم خير أم قوم تبع والذين من قبلهم أهلكناهم إنهم كانوا مجرمين . وما خلقنا السماوات والأرض وما بينهما لاعبين . ما خلقناهما إلا بالحق ولكن أكثرهم لا يعلمون . إن يوم الفصل ميقاتهم أجمعين . يوم لا يغني مولى عن مولى شيئاً ولا هم ينصرون . إلا من رحم الله ، إنه هو العزيز الرحيم ) . .
ولما ثبت بما مضى أنه سبحانه متصف بالإحياء والإماتة ، وكان إنكار ذلك عناداً لا يستطيع أحد{[57567]} يثبت الإله أن ينكره ، وكان الإقرار بذلك في بعض وإنكاره {[57568]}في بعض{[57569]} تحكماً ومخالفاً{[57570]} لحاكم العقل وصارم النقل ، وكان من الآيات التي أوتوها إحياؤهم بعد إماتتهم حين طلبوا الرؤية فأخذتهم الصاعقة ، وحين خرجوا من ديارهم وهم ألوف حذر الموت ، وكان ذلك هو البعث بعينه ، وكان العرب ينكرونه ويبالغون في إنكارهم له{[57571]} ولا يسألونهم عنه ، قال موبخاً لهم مشيراً بالتأكيد إلى أنه لا يكاد يصدق أن أحداً ينكر ذلك لما له من الأدلة : { إن } وحقرهم بقوله : { هؤلاء } أي الأدنياء الأقلاء الأذلاء { ليقولون * } أي بعد قيام الحجة البالغة عليهم مبالغين في الإنكار في نظير تأكيد الإثبات : { إن } أي ما .
ولما كان قد تقدم قوله تعالى { يحيي ويميت } وهم يعلمون أن المراد به أنه يتكرر منه الإحياء للشخص الواحد ، وكان تعالى قد قال ولا يخاطبهم إلا بما يعرفونه{ وكنتم أمواتاً فأحياكم ثم يميتكم ثم يحييكم ثم إليه ترجعون }[ البقرة : 28 ] أي بالانتشار{[57567]} بعد الحياة [ و-{[57568]} ]قال{ أمتنا اثنتين وأحييتنا اثنتين }[ غافر : 11 ] قالوا : ما { هي إلا موتتنا } على حذف مضاف أي ما الحياة إلا حياة موتتنا { الأولى } أي التي كانت قبل نفخ الروح - كما سيأتي في الجاثية { إن [ هي-{[57569]} ] إلا{[57570]} حياتنا الدنيا } و{[57571]}عبروا عنها بالموتة{[6]} إشارة إلى أن الحياة في جنب الموت المؤبد على زعمهم أمر متلاش لا نسبه لها منه ، وساق سبحانه كلامهم على {[7]}هذا الوجه{[8]} إشارة إلى أن الأمور [ إذا قيس-{[9]} ] غائبها على شاهدها ، كان الإحياء بعد الموتة الثانية أولى لكونه بعد حياة من الإحياء بعد [ الموتة-{[10]} ] الأولى ، فحط{[11]} الأمر على{[12]} أن الابتداء{[13]} كان من موت لم يتقدمه حياة ، والقرار{[14]} يكون على حياة لا يعقبها موت .
ولما كان المعنى : وليس وراءها حياة ، أكدوه بما يفهمه {[15]}تصريحاً فقالوا{[16]} برد ما أثبته{[17]} الله على [ لسان-{[18]} ] رسوله صلى الله عليه وسلم : { وما نحن } وأكدوا النفي فقالوا : { بمنشرين * } أي من منشر ما بالبعث بحيث نصير ذوي حركة اختيارية ننتشر بها بعد الموت ، يقال : نشره وأنشره - إذا أحياه .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.