في ظلال القرآن لسيد قطب - سيد قطب [إخفاء]  
{قُلۡ إِنِّيٓ أَخَافُ إِنۡ عَصَيۡتُ رَبِّي عَذَابَ يَوۡمٍ عَظِيمٖ} (15)

12

وأمر كذلك أن يقذف في قلوبهم بالرعب والترويع ؛ في الوقت الذي يعلن فيه تصوره لجدية الأمر والتكليف ولخوفه هو من عذاب ربه ، إن عصاه فيما أمر به من الإسلام والتوحيد :

( قل : إني أخاف إن عصيت ربي عذاب يوم عظيم . من يصرف عنه يومئذ فقد رحمه ، وذلك الفوز المبين ) . .

إنه تصوير لحقيقة مشاعر الرسول [ ص ] تجاه أمر ربه له ؛ وتجسيم لخوفه من عذابه . العذاب الذي يعتبر مجرد صرفه عن العبد رحمه من الله وفوزا مبينا . ولكنه في الوقت ذاته حمله مزلزلة على قلوب المشركين في ذلك الزمان ، وقلوب المشركين بالله في كل زمان . حملة مزلزلة تصور العذاب في ذلك اليوم العظيم ؛ يطلب الفريسة ، ويحلق عليها ، ويهجم ليأخذها . فلا تصرفه عنها إلا القدرة القادرة التي تأخذ بخطامه فتلويه عنها ! وإن أنفاس القاريء لهذا التصوير لتحتبس - وهو يتمثل المشهد - في انتظار هذه اللقطة الأخيرة !

 
أنوار التنزيل وأسرار التأويل للبيضاوي - البيضاوي [إخفاء]  
{قُلۡ إِنِّيٓ أَخَافُ إِنۡ عَصَيۡتُ رَبِّي عَذَابَ يَوۡمٍ عَظِيمٖ} (15)

{ قل إني أخاف إن عصيت ربي عذاب يوم عظيم } مبالغة أخرى في قطع أطماعهم ، وتعريض لهم بأنهم عصاة مستوجبون للعذاب ، والشرط معترض بين الفعل والمفعول به وجوابه محذوف دل عليه الجملة .

 
المحرر الوجيز في تفسير الكتاب العزيز لابن عطية - ابن عطية [إخفاء]  
{قُلۡ إِنِّيٓ أَخَافُ إِنۡ عَصَيۡتُ رَبِّي عَذَابَ يَوۡمٍ عَظِيمٖ} (15)

ولفظة { عصيت } عامة في أنواع المعاصي ، ولكنها هاهنا إنما تشير إلى الشرك الذي نهي عنه ، واليوم العظيم هو يوم القيامة .

 
التحرير والتنوير لابن عاشور - ابن عاشور [إخفاء]  
{قُلۡ إِنِّيٓ أَخَافُ إِنۡ عَصَيۡتُ رَبِّي عَذَابَ يَوۡمٍ عَظِيمٖ} (15)

هذا استئناف مكرّر لما قبله ، وهو تدرّج في الغرض المشترك بينها من أنّ الشرك بالله متوعّد صاحبه بالعذاب وموعود تاركه بالرحمة . فقوله : { أغير الله أتّخذ وليّاً } [ الأنعام : 14 ] الآية رفض للشرك بالدليل العقلي ، وقوله : { قل إنّي أمرت أن أكون أوّل من أسلم } [ الأنعام : 14 ] الآية ، رفض للشرك امتثالاً لأمر الله وجلاله .

وقوله هنا : { قل إنّي أخاف } الآية تجنّب للشرك خوفاً من العقاب وطمعاً في الرحمة . وقد جاءت مترتّبة على ترتيبها في نفس الأمر .

وفهم من قوله : { إن عصيت ربّي } أنّ الآمر له بأن يكون أول من أسلم والناهي عن كونه من المشركين هو الله تعالى . وفي العدول عن اسم الجلالة إلى قوله : { ربّي } إيماء إلى أنّ عصيانه أمر قبيح لأنّه ربّه فكيف يعصيه .

وأضيف العذاب إلى { يوم عظيم } تهويلاً له لأنّ في معتاد العرب أن يطلق اليوم على يوم نصر فريق وانهزام فريق من المحاربين ، فيكون اليوم نكالاً على المنهزمين ، إذ يكثر فيهم القتل والأسر ويسام المغلوب سوء العذاب ، فذكر { يوم } يثير من الخيال مخاوف مألوفة ، ولذلك قال الله تعالى : { فكذّبوه فأخذهم عذاب يوم الظلّة إنّه كان عذاب يوم عظيم } [ الشعراء : 189 ] ولم يقل عذاب الظلّة أنّه كان عذاباً عظيماً . وسيأتي بيان ذلك مفصّلاً عند قوله تعالى : { يوم يجمعكم ليوم الجمع ذلك يوم التغابن } في سورة التغابن ( 9 ) ، وبهذا الاعتبار حسَن جعل إضافة العذاب إلى اليوم العظيم كناية عن عظم ذلك العذاب ، لأنّ عظمة اليوم العظيم تستلزم عظم ما يقع فيه عرفاً .

وقوله : { من يصرف عنه يومئذٍ فقد رحمه } جملة من شرط وجزاء وقعت موقع الصفة ل { عذاب } .