محاسن التأويل للقاسمي - القاسمي  
{قُلۡ إِنِّيٓ أَخَافُ إِنۡ عَصَيۡتُ رَبِّي عَذَابَ يَوۡمٍ عَظِيمٖ} (15)

[ 15 ] { قل إني أخاف إن عصيت ربي عذاب يوم عظيم ( 15 ) } .

{ قل إني أخاف إن عصيت ربي } أي : بمخالفة أمره ونهيه أي عصيان . فيدخل فيه ما ذكر دخولا أوليا . { عذاب يوم عظيم } يعني : عذاب يوم القيامة ، الذي تظهر فيه عظمة القهر الإلهي . وفي الآية مبالغة أخرى في قطع أطماعهم ، وتعريض لهم بأنهم عصاة مستوجبون للعذاب العظيم . ووجه التعريض إسناد ما هو معلوم الانتفاء ، ب ( إن ) التي تفيد الشك تعريضا . وجيئ بالماضي إبرازا له في صورة الحاصل على سبيل الفرض ، تعريضا / بمن صدر عنهم ذلك . وحيث كان تعريضا لهم ، والمراد تخويفهم إذا صدر منهم ذلك – لم يكن فيه دلالة على أنه يخاف هو صلى الله عليه وسلم على نفسه المعصية ، مع أنه معصوم . كما لا يتوهم مثله في قوله : { لئن أشركت ليحبطن عملك }{[3375]} وحينئذ فلا حاجة إلى ما أجيب عن ظاهر دلالته على ما ذكر ، بأن الخوف تعلق بالعصيان الممتنع الوقوع امتناعا عاديا ، فلا يدل إلا على أنه يخاف لو صدر عنه العصيان . وهذا لا يدل على حصول الخوف .

قال بعضهم : لا يقال على تقدير العصيان ، يكون الجواب هو استحقاق العذاب ، لا الخوف . لأنا نقول : لا منافاة بينهما . فالخوف إما على حقيقته ، أو كناية عن الاستحقاق . انتهى .


[3375]:- [9/ الزمر/ 65] ونصها: {ولقد أوحي إليك وإلى الذين من قبلك...}.