في ظلال القرآن لسيد قطب - سيد قطب [إخفاء]  
{لَهُم مِّن جَهَنَّمَ مِهَادٞ وَمِن فَوۡقِهِمۡ غَوَاشٖۚ وَكَذَٰلِكَ نَجۡزِي ٱلظَّـٰلِمِينَ} (41)

37

ثم إليك هيئتهم في النار :

( لهم من جهنم مهادٌ ، ومن فوقهم غواشٍ ) . .

فلهم من نار جهنم من تحتهم فراش ، يدعوه - للسخرية - مهاداً ، وما هو مهد ولا لين ولا مريح ! - ولهم من نار جهنم أغطية تغشاهم من فوقهم !

( وكذلك نجزي الظالمين ) . .

والظالمون هم المجرمون . والظالمون هم المشركون المكذبون بآيات الله ، المفترون الكذب على الله . . كلها أوصاف مترادفة في تعبير القرآن .

 
أنوار التنزيل وأسرار التأويل للبيضاوي - البيضاوي [إخفاء]  
{لَهُم مِّن جَهَنَّمَ مِهَادٞ وَمِن فَوۡقِهِمۡ غَوَاشٖۚ وَكَذَٰلِكَ نَجۡزِي ٱلظَّـٰلِمِينَ} (41)

{ لهم من جهنم مهاد } فراش . { ومن فوقهم غواشٍ } أغطية التنوين فيه للبدل عن الإعلال عند سيبويه ، وللصرف عند غيره ، وقرئ { غواش } على إلغاء المحذوف . { وكذلك نجزي الظالمين } عبر عنهم بالمجرمين تارة وبالظالمين أخرى إشعارا بتكذيبهم الآيات اتصفوا بهذه الأوصاف الذميمة ، وذكر الجرم مع الحرمان من الجنة والظلم مع التعذيب بالنار تنبيها على أنه أعظم الإجرام .

 
المحرر الوجيز في تفسير الكتاب العزيز لابن عطية - ابن عطية [إخفاء]  
{لَهُم مِّن جَهَنَّمَ مِهَادٞ وَمِن فَوۡقِهِمۡ غَوَاشٖۚ وَكَذَٰلِكَ نَجۡزِي ٱلظَّـٰلِمِينَ} (41)

وقوله تعالى : { لهم من جهنم مهاد } الآية ، المعنى أن جهنم فراش لهم ومسكن ومضجع يتمهدونه وهي لهم غواش جمع غاشية وهي ما يغشى الإنسان أي يغطيه ويستره من جهة فوق ، قال الضحاك «المهاد » الفراش ، و «الغواشي » اللحف ودخل التنوين في { غواش } عند سيبويه لنقصانه عن بناء مفاعل فلما زال البناء المانع من الصرف بأن حذفت الياء حذفاً لا للالتقاء بل كما حذفت من قوله { والليل إذا يسر } و { ذلك ما كنا نبغ } ومن قول الشاعر : [ زهير ]

ولأنت تفري ما خلقت وبع*** ض القوم يخلق ثم لا يفر

زال الامتناع ، وهذا كقولهم ُذْلُذل بالتنوين وهم يريدون : الذلاذل لما زال البناء ، قال الزجاج : والتنوين في { غواش } عند سيبويه عوض من الياء المنقوصة ورد أبو علي أن يكون هذا هو مذهب سيبويه ، ويجوز الوقوف ب «ياء » وبغير «ياء » والاختيار بغير «ياء » .

 
التحرير والتنوير لابن عاشور - ابن عاشور [إخفاء]  
{لَهُم مِّن جَهَنَّمَ مِهَادٞ وَمِن فَوۡقِهِمۡ غَوَاشٖۚ وَكَذَٰلِكَ نَجۡزِي ٱلظَّـٰلِمِينَ} (41)

المِهاد -بكسر الميم- ما يُمْهَد أي يفرش ، و« غواش » جمع غاشية وهي مَا يغشى الإنسانَ ، أي يغطّيه كاللّحاف ، شبّه ما هو تحتهم من النّار بالمِهاد ، وما هو فوقهم منها بالغواشي ، وذلك كناية عن انتفاء الرّاحة لهم في جهنّم ، فإنّ المرء يحتاج إلى المهاد والغاشية عند اضطجاعه للرّاحة ، فإذا كان مهادهم وغاشيتهم النّار . فقد انتفت راحتهم ، وهذا ذِكر لعذابهم السّوء بعد أن ذكر حِرمانهم من الخير .

وقوله : { غَواش } وصف لمقدّر دلّ عليه قوله : { من جهنّم } ، أي ومن فوقهم نيران كالغواشي . وذّيله بقوله : { وكذلك نَجزي الظالمين } ليدلّ على أن سبب ذلك الجزاء بالعقاب : هو الظلمُ . وهو الشّرك . ولمّا كان جزاء الظّالمين قد شبّه بجزاء الذين كذّبوا بالآيات واستكبروا عنها ، علم أنّ هؤلاء المكذّبين من جملة الظّالمين . وهم المقصود الأوّل من هذا التّشبيه ، بحيث صاروا مثلاً لعموم الظالمين ، وبهذين العمومين كان الجملتان تذييلين .

وليس في هذه الجملة الثّانية وضع الظّاهر موضع المضمر : لأنّ الوصفين ، وإن كانا صادقين معاً على المكذّبين المشبَّهِ عقابُ أصحاب الوصفين بعقابهم . فوصف المجرمين أعمّ مفهوماً من وصف الظّالمين ، لأنّ الإجرام يشمل التّعطيل والمجوسيّة بخلاف الإشراك . وحقيقة وضع المظهر موقع المضمر إنّما تتقوّم حيث لا يكون للاسم الظّاهر المذكور معنى زائد على معنى الضّمير .