قوله : { لَهُمْ مِّن جَهَنَّمَ مِهَادٌ } هذه الجملة محتملة للحاليّة والاستئناف ، ويجوزُ حينئذ في " مهاد " أن تكون فاعلاً ب " لهم " فتكون الحال من قبيل المفردات ، وأن تكون متبدأ ، فتكون من قبيل الجمل .
و " مِنْ جَهَنَّمَ " حال من " مِهَاد " ؛ لأنَّهُ لو تأخر عنه لكان صفة ، أو متعلق بما تعلَّق به الجار قبله .
و " جَهَنَّم " لا تنصرف لاجتماع التَّأنيث والتعريف .
وقيل : اشتقاقه من الجهومة ، وهي الغلظ يقال : رجل جهم الوجْهِ أي غَلِيظه ، فسميت بهذا الغلظ أمرها في العذاب .
و " المِهَاد " جمع : مَهْدٍ ، وهو الفراشُ .
قال الأزهريُّ{[16135]} : " المَهْدُ في اللُّغة الفرش ، يقال للفراش : مِهَادٌ " .
قوله : { وَمِن فَوْقِهِمْ غَوَاشٍ } غواشٍ : جمع غاشية ، وللنُّحاة في الجمع الذي على فواعل إذا كان منقوصاً بقياس خلاف : هل هو مُنْصَرِفٌ ؟ .
فبعضهم قال : هو مَنْصرفٌ ؛ لأنه قد زال [ منه ] صيغة منتهى الجموع ، فصار وزنُهُ وَزْنَ جَنَاحٍ وَقَذالٍ فانصرف .
وقال الجَمْهُورُ : هو ممنوعٌ من الصَّرف ، والتنوين تنوين عوضٍ .
واختلف في المعوِّض عَنْهُ ماذا ؟ فالجمهور على أنَّهُ عوض من الياء المَحْذُوفَةِ .
وذهب المُبردِ إلى أنَّهُ عوض من حركتها ، والكسرُ ليس كسر إعراب ، وهكذا : حَوَارٍ وموالٍ{[16136]} وبعضهم يجرُّه بالفتحة ، قال : [ الطويل ]
وَلَوْ كَانَ عَبْدُ اللَّهِ مَوْلىً هَجَوْتُهُ *** ولَكِنَّ عَبْدَ اللَّهِ مَوْلَى مَوَالِيَا{[16137]}
قَدْ عَجِبَتْ مِنِّي وَمِنْ يُعَيْلِيَا *** لمَّا رَأتْنِي خَلَقاً مُقْلُوْلِيَا{[16138]}
وهذا الحكمُ ليس مختصاً بصيغة مفاعل ، بل كلُّ غير منصرف إذا كان منقوصاً ، فحكمهُ ما تقدَّم نحو : يُعيْل تصغير يَعْلَى ويَرْم اسم رجل ، وعيله قوله : " وَمِنْ يَعَيْلِيَا " وبعض العرب يعرب " غواش " ونحوه بالحركاتِ على الحرف الذي قبل الياء المحذوفة ، فيقول : هؤلاء جوارٍ .
وقرئ :{[16139]} " ومِنْ فَوْقِهِم غَوَاشٌ " برفع الشين ، وهي كقراءة عبد الله : { وَلَهُ الجوار } [ الرحمن : 24 ] برفع الراء .
فإن قيل : " غَوَاش " على وزن فواعل ؛ فيكون غير منصرف فكيف دخله التنوين ؟ .
فالجوابُ : على مذهب الخَلِيلِ وسيبويهِ أنَّ هذا جمع ، والجمع أثقل من الواحد ، وهو أيضاً الجمع الأكبر الذي تتناهى الجموع إليه ، فزاده ذلك ثقلاً ، ثم وقعت الياء في آخره وهي ثقيلة ، فلمَّا اجتمعت فيه هذه الأشياء خفَّفوه بحذف الياء ، فلَّما حذفوا الياء نقص عن مثال " فوَاعل " فصار غواش بوزن جناح ، فدخلهُ التَّنوين لنقصانه عن هذا المثال{[16140]} .
قال المفسِّرون : معنى الآية : الإخبارُ عن إحاطة النَّار بهم من كل جانب قوله : وكذلِكَ " تقدم مثله [ الأعراف : 40 ] .
وقوله : " والظَّالمِيْنَ " يحتمل أن يكون من باب وقوع الظَّاهر موقع المضمر ، والمراد ب " الظَّالمِينَ " المجرمون ، ويحتمل أن يكونوا غيرهم ، وأنَّهُم يُجزون كجزائهم .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.