في ظلال القرآن لسيد قطب - سيد قطب [إخفاء]  
{وَٱمۡتَٰزُواْ ٱلۡيَوۡمَ أَيُّهَا ٱلۡمُجۡرِمُونَ} (59)

30

فأما الآخرون فلا يطوي السياق موقف حسابهم ، بل يعرضه ويبرز فيه التبكيت والتنكيل :

وامتازوا اليوم أيها المجرمون . ألم أعهد إليكم - يا بني آ دم - ألا تعبدوا الشيطان إنه لكم عدو مبين . وأن اعبدوني هذا صراط مستقيم . ولقد أضل منكم جبلاً كثيراً . أفلم تكونوا تعقلون ? هذه جهنم التي كنتم توعدون . اصلوها اليوم بما كنتم تكفرون . .

إنهم يتلقون التحقير والترذيل : ( وامتازوا اليوم أيها المجرمون ) . . انعزلوا هكذا بعيداً عن المؤمنين !

 
نظم الدرر في تناسب الآيات و السور للبقاعي - البقاعي [إخفاء]  
{وَٱمۡتَٰزُواْ ٱلۡيَوۡمَ أَيُّهَا ٱلۡمُجۡرِمُونَ} (59)

ولما كان التقدير : فانظروا وازدادوا حسرة أيها المجرمون ، عطف عليه قوله : { وامتازوا } أي انفردوا انفراداً هو بغاية القصد ، وجرى على النمط الماضي من زيادة التهويل لذلك الموقف بإعادة قوله : { اليوم } أي عن عبادي الصالحين أو عمن بقي منهم معكم في الموقف ليظهروا من أوضارهم ، ويشفوا من مضارهم ، لأن غيبة الرقيب أتم النعيم ، وإبعاد العدو أعلى السرور ، وحذف أداة النداء لا لقرب الكرامة بل للدلالة على أنهم في القبضة لا مانع من غاية التصرف فيهم لكل ما يراد لأنه لا حائل دونهم { أيها المجرمون * } أي العريقون في الإجرام ، فلا يقع في أوهامكم أنكم تخالطونهم اليوم أصلاً ، وهذا ما كنتم تمتازون عنهم في الدنيا وتقاطعونهم ترفعاً واستكباراً ، فهذا قوله للمجرمين وذلك قوله للمؤمنين ، فصح أنه قلب لأنه به صلاح بعض المكلفين وفساد الآخرين الذي هو تمام صلاح الأولين ، وقد تقدم في أوائل سورة الروم منام ينفع استحضاره هنا .