نظم الدرر في تناسب الآيات و السور للبقاعي - البقاعي  
{وَٱمۡتَٰزُواْ ٱلۡيَوۡمَ أَيُّهَا ٱلۡمُجۡرِمُونَ} (59)

ولما كان التقدير : فانظروا وازدادوا حسرة أيها المجرمون ، عطف عليه قوله : { وامتازوا } أي انفردوا انفراداً هو بغاية القصد ، وجرى على النمط الماضي من زيادة التهويل لذلك الموقف بإعادة قوله : { اليوم } أي عن عبادي الصالحين أو عمن بقي منهم معكم في الموقف ليظهروا من أوضارهم ، ويشفوا من مضارهم ، لأن غيبة الرقيب أتم النعيم ، وإبعاد العدو أعلى السرور ، وحذف أداة النداء لا لقرب الكرامة بل للدلالة على أنهم في القبضة لا مانع من غاية التصرف فيهم لكل ما يراد لأنه لا حائل دونهم { أيها المجرمون * } أي العريقون في الإجرام ، فلا يقع في أوهامكم أنكم تخالطونهم اليوم أصلاً ، وهذا ما كنتم تمتازون عنهم في الدنيا وتقاطعونهم ترفعاً واستكباراً ، فهذا قوله للمجرمين وذلك قوله للمؤمنين ، فصح أنه قلب لأنه به صلاح بعض المكلفين وفساد الآخرين الذي هو تمام صلاح الأولين ، وقد تقدم في أوائل سورة الروم منام ينفع استحضاره هنا .