في ظلال القرآن لسيد قطب - سيد قطب [إخفاء]  
{مَن يَأۡتِيهِ عَذَابٞ يُخۡزِيهِ وَيَحِلُّ عَلَيۡهِ عَذَابٞ مُّقِيمٌ} (40)

36

( قل : يا قوم اعملوا على مكانتكم إني عامل . فسوف تعلمون من يأتيه عذاب يخزيه ويحل عليه عذاب مقيم . . )

يا قوم اعملوا على طريقكم وعلى حالكم . إني ماض في طريقي لا أميل ولا أخاف ولا أقلق . وسوف تعلمون من يأتيه عذاب يخزيه في الدينا ، ويحل عليه عذاب مقيم في الآخرة . .

لقد قضي الأمر بعد عرض الحقيقة البسيطة التي تنطق بها الفطرة ويشهد بها الوجود . . إن الله هو خالق السماوات والأرض . القاهر فوق السماوات والأرض . وهو صاحب هذه الدعوة التي يحملها الرسل ويتولاها الدعاة . فمن ذا في السماوات والأرض يملك لرسله شيئاً أو لدعاته ? ومن ذا يملك أن يدفع عنهم ضراً أو يمسك عنهم رحمة ? وإذا لم يكن . فماذا يخشون وماذا يرجون عند غير الله ?

ألا لقد وضح الأمر ولقد تعين الطريق ؛ ولم يعد هناك مجال لجدال أو محال !

 
تفسير القرآن العظيم لابن كثير - ابن كثير [إخفاء]  
{مَن يَأۡتِيهِ عَذَابٞ يُخۡزِيهِ وَيَحِلُّ عَلَيۡهِ عَذَابٞ مُّقِيمٌ} (40)

{ مَنْ يَأْتِيهِ عَذَابٌ يُخْزِيهِ } أي : في الدنيا ، { وَيَحِلُّ عَلَيْهِ عَذَابٌ مُقِيمٌ } أي : دائم مستمر ، لا محيد له عنه . وذلك يوم القيامة .

 
المحرر الوجيز في تفسير الكتاب العزيز لابن عطية - ابن عطية [إخفاء]  
{مَن يَأۡتِيهِ عَذَابٞ يُخۡزِيهِ وَيَحِلُّ عَلَيۡهِ عَذَابٞ مُّقِيمٌ} (40)

و «العذاب المخزي » : هو عذاب الدنيا يوم بدر وغيره .

و «العذاب المقيم » : هو عذاب الآخرة ، أعاذنا الله تعالى منه برحمته .

 
التحرير والتنوير لابن عاشور - ابن عاشور [إخفاء]  
{مَن يَأۡتِيهِ عَذَابٞ يُخۡزِيهِ وَيَحِلُّ عَلَيۡهِ عَذَابٞ مُّقِيمٌ} (40)

قال تعالى هنا : { مَن يأتيه عذابٌ يخزيه } ليكون التهديد بعذاب خزي في الدنيا وعذاب مقيم في الآخرة . فأما قوله في سورة [ الأنعام : 135 ] : { قل يا قوم اعملوا على مكانتكم إني عامل فسوف تعلمون من تكون له عاقبة الدار } فلم يذكر فيها العذاب لأنها جاءت بعد تهديدهم بقوله : { إن ما توعدون لآت وما أنتم بمعجزين } [ الأنعام : 134 ] .

وحذف متعلِّق { إني عامل } ليَعمّ كل متعلِّق يصلح أن يتعلق ب { عامل } مع الاختصار فإن مقابلته بقوله : { اعملوا على مكانتكم } يدل على أنه أراد من { إني عامل } أنه ثابت على عمله في نصحهم ودعوتهم إلى ما ينجيهم . وأن حذف ذلك مشعر بأنه لا يقتصر على مقدار مكانته وحالته بل حالة تزداد كل حين قوةً وشدة لا يعتريها تقصير ولا يثبطها إعراضهم ، وهذا من مستتبعات الحذف ولم ننبه عليه في سورة الأنعام وفي سورة هود .

و { مَن } استفهامية عَلَّقت فعل { تَعْلَمُون } عن العمل في مفعوليه .

والعذاب المُخزي هو عذاب الدنيا . والمراد به هنا عذاب السيف يوم بدر . والعذاب المقيم هو عذاب الآخرة ، وإقامته خلوده . وتنوين { عَذَابٌ } في الموضعين للتعظيم المراد به التهويل .

وأسند فعل { يأتِيهِ } إلى العذاب المخْزي لأن الإِتيان مشعر بأنه يفاجئهم كما يأتي الطارق . وكذلك إسناد فعل { يَحل } إلى العذاب المقيممِ لأن الحلول مشعر بالملازمة والإِقامة معهم ، وهو عذاب الخلود ، ولذلك يسمى منزل القول حِلة ، ويقال للقوم القاطنين غير المسافرين هم حِلال ، فكان الفعل مناسباً لوصفه بالمقيم . وتعدية فعل { يحل } بحرف ( على ) للدلالة على تمكنه .

 
الجامع التاريخي لبيان القرآن الكريم - مركز مبدع [إخفاء]  
{مَن يَأۡتِيهِ عَذَابٞ يُخۡزِيهِ وَيَحِلُّ عَلَيۡهِ عَذَابٞ مُّقِيمٌ} (40)

تفسير مقاتل بن سليمان 150 هـ :

{من يأتيه عذاب يخزيه} يعني يهينه في الدنيا.

{و} من {ويحل} يعني يجب.

{عليه عذاب مقيم}: دائم لا يزول عنه في الآخرة.

جامع البيان عن تأويل آي القرآن للطبري 310 هـ :

وقوله:"مَنْ يَأْتِيهِ عَذَابٌ" يقول تعالى ذكره: من يأتيه عذاب يخزيه، ما أتاه من ذلك العذاب، يعني: يذلّه ويهينه. "وَيحِلّ عَلَيْهِ عَذَابٌ مُقِيمٌ "يقول: وينزل عليه عذاب دائم لا يفارقه.

التبيان في تفسير القرآن للطوسي 460 هـ :

دائم لا يزول وذلك غاية الوعيد والتهديد...

الكشاف عن حقائق التنزيل للزمخشري 538 هـ :

ألا ترى إلى قوله: {فَسَوْفَ تَعْلَمُونَ مَن يَأْتِيهِ} كيف توعدهم بكونه منصوراً عليهم غالباً عليهم في الدنيا والآخرة؛ لأنهم إذا أتاهم الخزي والعذاب فذاك عزّه وغلبته، من حيث إن الغلبة تتم له بعز عزيز من أوليائه، وبذل ذليل من أعدائه.

{يُخْزِيهِ} مثل مقيم في وقوعه صفة للعذاب، أي: عذاب مخزٍ له وهو يوم بدر، وعذاب دائم وهو عذاب النار...

نظم الدرر في تناسب الآيات و السور للبقاعي 885 هـ :

{من يأتيه} أي منا ومنكم {عذاب يخزيه} بأن يزيل عنه كل شيء يمكنه أن يستعذبه.

{ويحل عليه} أي يجب في وقته، من حل عليه الحق يحل بالكسر أي وجب، والدين: صار حالاً بحضور أجله.

{عذاب مقيم} لإقامته على حالته وجموده على ضلالته، ومن يؤتيه الله انتصاراً يعليه وينقله إلى نعيم عظيم، لانتقاله بارتقائه في مدارج الكمال، بأوامر ذي الجلال والجمال، ولقد علموا ذلك في قصة المستهزئين ثم في وقعة بدر فإن من أهلكه الله منهم جعل إهلاكه أول عذابه ونقله به إلى عذاب البرزخ ثم عذاب النار، فلا انفكاك له من العذاب، ولا رجاء لحسن المآب...

التحرير والتنوير لابن عاشور 1393 هـ :

أسند فعل {يأتِيهِ} إلى العذاب المخْزي؛ لأن الإِتيان مشعر بأنه يفاجئهم كما يأتي الطارق، وكذلك إسناد فعل {يَحل} إلى العذاب المقيم؛ لأن الحلول مشعر بالملازمة والإِقامة معهم، وهو عذاب الخلود، ولذلك يسمى منزل القول حِلة، فكان الفعل مناسباً لوصفه بالمقيم.

وتعدية فعل {يحل} بحرف (على) للدلالة على تمكنه.