في ظلال القرآن لسيد قطب - سيد قطب [إخفاء]  
{قَالُواْ نَحۡنُ أُوْلُواْ قُوَّةٖ وَأُوْلُواْ بَأۡسٖ شَدِيدٖ وَٱلۡأَمۡرُ إِلَيۡكِ فَٱنظُرِي مَاذَا تَأۡمُرِينَ} (33)

15

وعلى عادة رجال الحاشية أبدوا استعدادهم للعمل . ولكنهم فوضوا للملكة الرأي :

قالوا : نحن أولو قوة وأولو بأس شديد . والأمر إليك فانظري ماذا تأمرين .

 
تفسير القرآن العظيم لابن كثير - ابن كثير [إخفاء]  
{قَالُواْ نَحۡنُ أُوْلُواْ قُوَّةٖ وَأُوْلُواْ بَأۡسٖ شَدِيدٖ وَٱلۡأَمۡرُ إِلَيۡكِ فَٱنظُرِي مَاذَا تَأۡمُرِينَ} (33)

{ قَالُوا نَحْنُ أُولُو قُوَّةٍ وَأُولُو بَأْسٍ شَدِيدٍ } أي : مَنوا إليها بعَدَدهم وعددهم وقوتهم ، ثم فوضوا إليها بعد ذلك الأمر فقالوا : { وَالأمْرُ إِلَيْكِ فَانْظُرِي مَاذَا تَأْمُرِينَ } أي : نحن ليس لنا عاقة [ ولا بنا بأس ، إن شئت أن تقصديه وتحاربيه ، فما لنا عاقة ]{[22032]} عنه . وبعد هذا فالأمر{[22033]} إليك ، مري فينا برأيك{[22034]} نمتثله ونطيعه .

قال الحسن البصري ، رحمه الله : فوضوا أمرهم إلى عِلْجة تضطرب ثدياها ، فلما قالوا لها ما قالوا ، كانت هي أحزم رأيًا منهم ، وأعلم بأمر سليمان ، وأنه{[22035]} لا قبل لها بجنوده وجيوشه ، وما سُخّر له من الجن والإنس والطير ، وقد شاهَدَت من قضية الكتاب مع الهدهد أمرًا عجيبًا بديعًا ، فقالت لهم : إني أخشى أن نحاربه ونمتنع عليه ، فيقصدنا بجنوده ، ويهلكنا بمن معه ، ويخلص إليّ وإليكم الهلاك والدمار دون غيرنا ؛ ولهذا قالت : { إِنَّ الْمُلُوكَ إِذَا دَخَلُوا قَرْيَةً أَفْسَدُوهَا } .


[22032]:- زيادة من ف ، أ.
[22033]:- في أ : "وبعدها فالأمر".
[22034]:- في ف : "رأيك".
[22035]:- في ف : "وأنها".
 
أنوار التنزيل وأسرار التأويل للبيضاوي - البيضاوي [إخفاء]  
{قَالُواْ نَحۡنُ أُوْلُواْ قُوَّةٖ وَأُوْلُواْ بَأۡسٖ شَدِيدٖ وَٱلۡأَمۡرُ إِلَيۡكِ فَٱنظُرِي مَاذَا تَأۡمُرِينَ} (33)

{ قالوا نحن أولوا قوة } بالأجساد والعدد . { وأولوا بأس شديد } نجدة وشجاعة { والأمر إليك } موكول . { فانظري ماذا تأمرين } من المقاتلة أو الصلح نطعك ونتبع رأيك .

 
التحرير والتنوير لابن عاشور - ابن عاشور [إخفاء]  
{قَالُواْ نَحۡنُ أُوْلُواْ قُوَّةٖ وَأُوْلُواْ بَأۡسٖ شَدِيدٖ وَٱلۡأَمۡرُ إِلَيۡكِ فَٱنظُرِي مَاذَا تَأۡمُرِينَ} (33)

جواب بأسلوب المحاورة فلذلك فُصل ولم يعطف كما هي طريقة المحاورات . أرادوا من قولهم : نحن ، جماعة المملكة الذين هم من أهل الحرب . فهو من إخيار عرفاء القوم عن حال جماعاتهم ومن يفوض أمرهم إليهم . والقوة : حقيقتها ومجازها تقدم عند قوله تعالى : { فخذها بقوة } في سورة الأعراف ( 145 ) . وأطلقت على وسائل القوة كما تقدم في قوله تعالى : { وأعدّوا لهم ما استطعتم من قوة } في سورة الأنفال ( 60 ) ، أي وسائل القدرة على القتال والغلبة ، ومن القوة كثرة القادرين على القتال والعارفين بأساليبه .

والبأسُ : الشدة على العدوّ ، قال تعالى : { والصابرين في البأساء والضراء وحينَ البأس } [ البقرة : 177 ] أي في مواقع القتال ، وقال : { بأسهم بينهم شديد } [ الحشر : 14 ] ، وهذا الجواب تصريح بأنهم مستعدون للحرب للدفاع عن ملكهم وتعريض بأنهم يميلون إلى الدفع بالقوة إن أراد أن يكرههم على الدخول تحت طاعته لأنهم حملوا ما تضمنه كتابه على ما قد يفضي إلى هذا .

ومع إظهار هذا الرأي فوّضوا الأمر إلى الملكة لثقتهم بأصالة رأيها لتنظر ما تأمرهم فيمتثلونه ، فحذف مفعول { تأمرين } ومتعلقه لظهورهما من المقام ، والتقدير : ما تأمريننا به ، أي إن كان رأيك غير الحرب فمُري به نُطعك .

وفعل { انظري } معلق عن العمل بما بعده من الاستفهام وهو { ماذا تأمرين } .

وتقدم الكلام على { ماذا } في قوله : { وإذا قيل لهم ماذا أنزل ربكم } في سورة النحل ( 24 ) .