في ظلال القرآن لسيد قطب - سيد قطب [إخفاء]  
{يَـٰٓأَيُّهَا ٱلَّذِينَ ءَامَنُوٓاْ إِن تَنصُرُواْ ٱللَّهَ يَنصُرۡكُمۡ وَيُثَبِّتۡ أَقۡدَامَكُمۡ} (7)

وفي ظل هذه الكرامة للذين قتلوا في سبيل الله . وفي ظل ذلك الرضى ، وتلك الرعاية ، وبلوغ ذلك المقام . يحرض الله المؤمنين على التجرد لله ، والاتجاه إلى نصرة نهجه في الحياة ؛ ويعدهم على هذا النصر والتثبيت في المعركة ؛ والتعس والضلال لأعدائهم وأعدائه :

( يا أيها الذين آمنوا إن تنصروا الله ينصركم ويثبت أقدامكم . والذين كفروا فتعسا لهم وأضل أعمالهم . ذلك بأنهم كرهوا ما أنزل الله فأحبط أعمالهم ) . .

وكيف ينصر المؤمنون الله ، حتى يقوموا بالشرط وينالوا ما شرط لهم من النصر والتثبيت ?

إن لله في نفوسهم أن تتجرد له ، وألا تشرك به شيئا ، شركا ظاهرا أو خفيا ، وألا تستبقي فيها معه أحدا ولا شيئا ، وأن يكون الله أحب إليها من ذاتها ومن كل ما تحب وتهوى ، وأن تحكمه في رغباتها ونزواتها وحركاتها وسكناتها ، وسرها وعلانيتها ، ونشاطها كله وخلجاتها . . فهذا نصر الله في ذوات النفوس .

وإن لله شريعة ومنهاجا للحياة ، تقوم على قواعد وموازين وقيم وتصور خاص للوجود كله وللحياة . ونصر الله يتحقق بنصرة شريعته ومنهاجه ، ومحاولة تحكيمها في الحياة كلها بدون استثناء ، فهذا نصر الله في واقع الحياة .

ونقف لحظة أمام قوله تعالى : ( والذين قتلوا في سبيل الله ) . . وقوله : ( إن تنصروا الله ) . .

وفي كلتا الحالتين . حالة القتل . وحالة النصرة . يشترط أن يكون هذا لله وفي سبيل الله . وهي لفتة بديهية ، ولكن كثيرا من الغبش يغطي عليها عندما تنحرف العقيدة في بعض الأجيال . وعندما تمتهن كلمات الشهادة والشهداء والجهاد وترخص ، وتنحرف عن معناها الوحيد القويم .

إنه لا جهاد ، ولا شهادة ، ولا جنة ، إلا حين يكون الجهاد في سبيل الله وحده ، والموت في سبيله وحده ، والنصرة له وحده ، في ذات النفس وفي منهج الحياة .

لا جهاد ولا شهادة ولا جنة إلا حين يكون الهدف هو أن تكون كلمة الله هي العليا . وأن تهيمن شريعته ومنهاجه في ضمائر الناس وأخلاقهم وسلوكهم ، وفي أوضاعهم وتشريعهم ونظامهم على السواء .

عن أبي موسى - رضي الله عنه - قال : سئل رسول الله [ صلى الله عليه وسلم ] عن الرجل يقاتل شجاعة ، ويقاتل حمية ، ويقاتل رياء . أي ذلك في سبيل الله ? فقال : " من قاتل لتكون كلمة الله هي العليا فهو في سبيل الله " .

وليس هنالك من راية أخرى ، أو هدف آخر ، يجاهد في سبيله من يجاهد ، ويستشهد دونه من يستشهد ، فيحق له وعد الله بالجنة . إلا تلك الراية وإلا هذا الهدف . من كل ما يروج في الأجيال المنحرفة التصور من رايات وأسماء وغايات !

ويحسن أن يدرك أصحاب الدعوة هذه اللفتة البديهية ، وأن يخلصوها في نفوسهم من الشوائب التي تعلق بها من منطق البيئة وتصور الأجيال المنحرفة ، وألا يلبسوا برايتهم راية ، ولا يخلطوا بتصورهم تصورا غريبا على طبيعة العقيدة .

لا جهاد إلا لتكون كلمة الله هي العليا . العليا في النفس والضمير . والعليا في الخلق والسلوك . والعليا في الأوضاع والنظم . والعليا في العلاقات والارتباطات في كل أنحاء الحياة . وما عدا هذا فليس لله . ولكن للشيطان . وفيما عدا هذا ليست هناك شهادة ولا استشهاد .

وفيما عدا هذا ليس هنالك جنة ولا نصر من عند الله ولا تثبيت للأقدام . وإنما هو الغبش وسوء التصور والانحراف .

وإذا عز على غير أصحاب الدعوة لله أن يتخلصوا من هذا الغبش وسوء التصور والانحراف ، فلا أقل من أن يخلص الدعاة إلى الله أنفسهم ومشاعرهم وتصورهم من منطق البيئة الذي لا يتفق مع البديهة الأولى في شرط الله . .

وبعد فهذا شرط الله على الذين آمنوا . فأما شرطه لهم فهو النصر وتثبيت الأقدام . وعد الله لا يخلفه . فإذا تخلف فترة ؛ فهو أجل مقدر لحكمة أخرى تتحقق مع تحقق النصر والتثبيت . ذلك حين يصح أن المؤمنين وفوا بالشرط ثم تخلف عنهم - فترة - نصر الله .

ثم نقف لحظة أمام لفتة خاصة في التعبير : ( ينصركم . ويثبت أقدامكم ) . .

إن الظن يذهب لأول وهلة أن تثبيت الأقدام يسبق النصر ، ويكون سببا فيه . وهذا صحيح . ولكن تأخير ذكره في العبارة يوحي بأن المقصود معنى آخر من معاني التثبيت . معنى التثبيت على النصر وتكاليفه . فالنصر ليس نهاية المعركة بين الكفر والإيمان ، وبين الحق والضلال . فللنصر تكاليفه في ذات النفس وفي واقع الحياة . للنصر تكاليفه في عدم الزهو به والبطر . وفي عدم التراخي بعده والتهاون . وكثير من النفوس يثبت على المحنة والبلاء . ولكن القليل هو الذي يثبت على النصر والنعماء . وصلاح القلوب وثباتها على الحق بعد النصر منزلة أخرى وراء النصر . ولعل هذا هو ما تشير إليه عبارة القرآن . والعلم لله .

 
تفسير القرآن العظيم لابن كثير - ابن كثير [إخفاء]  
{يَـٰٓأَيُّهَا ٱلَّذِينَ ءَامَنُوٓاْ إِن تَنصُرُواْ ٱللَّهَ يَنصُرۡكُمۡ وَيُثَبِّتۡ أَقۡدَامَكُمۡ} (7)

ثم قال تعالى : { يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنْ تَنْصُرُوا اللَّهَ يَنْصُرْكُمْ وَيُثَبِّتْ أَقْدَامَكُمْ } ، كقوله : { وَلَيَنْصُرَنَّ اللَّهُ مَنْ يَنْصُرُهُ } [ الحج : 40 ] ، فإن الجزاء من جنس العمل ؛ ولهذا قال : { وَيُثَبِّتْ أَقْدَامَكُمْ } ، كما جاء في الحديث : " من بَلَّغ ذا سلطان حاجة مَنْ لا يستطيع إبلاغها ، ثبت الله قدمه على الصراط يوم القيامة " .

 
أنوار التنزيل وأسرار التأويل للبيضاوي - البيضاوي [إخفاء]  
{يَـٰٓأَيُّهَا ٱلَّذِينَ ءَامَنُوٓاْ إِن تَنصُرُواْ ٱللَّهَ يَنصُرۡكُمۡ وَيُثَبِّتۡ أَقۡدَامَكُمۡ} (7)

{ يا أيها الذين آمنوا إن تنصروا الله } إن تنصروا دينه ورسوله . { ينصركم } على عدوكم . { ويثبت أقدامكم } في القيام بحقوق الإسلام والمجاهدة مع الكفار .

 
المحرر الوجيز في تفسير الكتاب العزيز لابن عطية - ابن عطية [إخفاء]  
{يَـٰٓأَيُّهَا ٱلَّذِينَ ءَامَنُوٓاْ إِن تَنصُرُواْ ٱللَّهَ يَنصُرۡكُمۡ وَيُثَبِّتۡ أَقۡدَامَكُمۡ} (7)

وقوله تعالى : { إن تنصروا الله } فيه حذف مضاف ، أي دين الله ورسوله ، والمعنى : تنصروه بجدكم وإيمانكم { ينصركم } بخلق القوة لكم والجرأة وغير ذلك من المعاون .

وقرأ جمهور الناس : «ويثبّت » بفتح التاء المثلثة وشد الباء . وقرأ المفضل عن عاصم : «ويثْبِت » بسكون الثاء وتخفيف الباء ، وهذا التثبيت هو في مواطن الحرب على الإسلام ، وقيل على الصراط في القيامة .

 
الجامع التاريخي لبيان القرآن الكريم - مركز مبدع [إخفاء]  
{يَـٰٓأَيُّهَا ٱلَّذِينَ ءَامَنُوٓاْ إِن تَنصُرُواْ ٱللَّهَ يَنصُرۡكُمۡ وَيُثَبِّتۡ أَقۡدَامَكُمۡ} (7)

جامع البيان عن تأويل آي القرآن للطبري 310 هـ :

قوله:"يا أيّها الّذِينَ آمَنُوا إنْ تَنْصُرُوا اللّهَ يَنْصُرْكُمْ" يقول تعالى ذكره: يا أيها الذين صدّقوا الله ورسوله، إن تنصروا الله ينصركم بنصركم رسوله محمدا صلى الله عليه وسلم على أعدائه من أهل الكفر به وجهادكم إياهم معه لتكون كلمته العُليا ينصركم عليهم، ويظفركم بهم، فإنه ناصر دينه وأولياءه..

وقوله: "وَيُثَبّتْ أقْدَامَكُمْ "يقول: ويقوّكم عليهم، ويجرّئكم، حتى لا تولوا عنهم، وإن كثر عددهم، وقلّ عددكم.

تأويلات أهل السنة للماتريدي 333 هـ :

إن تنصروا دين الله ينصركم، أي إن تنصروا أولياء الله ينصركم على أعدائكم. ثم نصرُنا دين الله وأولياءه يكون مرة بالأنفس والأموال ببذلها في سبيله لابتغاء وجهه، ومرّة يكون بالحجج والبراهين بإقامتها على أعدائنا بما أمرنا من إقامة الحُجج والآيات. ثم يكون نصر الله إيّانا من وجهين: أحدهما: بنصرنا على أعدائه بما يغلبُهم، ويقهرُهم. لكن إن كان هذا فيكون في حال دون حال وفي وقت دون وقت، لا في كل الأحوال. والثاني: يكون نصره إيانا بما يجعل العاقبة، وإن كنّا غُلبنا، وقُهرنا في بعض الحروب والقتال، وكانوا هم الغالبين علينا قاهرين لنا، والله أعلم.

وقوله تعالى: {ويثبّت أقدامكم} يحتمل في الحروب والقتال، أو يثبّت أقدامكم في الآخرة كيلا تزِلَّ، والله أعلم...

لطائف الإشارات للقشيري 465 هـ :

{وَيُثَبِتْ أَقْدَامَكُمْ} بإدامةِ التوفيقِ لئلا ينهزم من صولةِ أعداءِ الدين...

مفاتيح الغيب للرازي 606 هـ :

{يا أيها الذين آمنوا إن تنصروا الله ينصركم ويثبت أقدامكم} وفي نصر الله تعالى وجوه:

(الأول) إن تنصروا دين الله وطريقه.

(والثاني) إن تنصروا حزب الله وفريقه.

(الثالث) المراد نصرة الله حقيقة، فنقول النصرة تحقيق مطلوب أحد المتعاديين عند الاجتهاد والأخذ في تحقيق علامته، فالشيطان عدو الله يجتهد في تحقيق الكفر وغلبة أهل الإيمان، والله يطلب قمع الكفر وإهلاك أهله وإفناء من اختار الإشراك بجهله، فمن حقق نصرة الله حيث حقق مطلوبه لا تقول حقق مراده فإن مراد الله لا يحققه غيره...

{ينصركم} فإن قيل فعلام قلت إذا نصر المؤمنون الله تعالى، فقد حقق ما طلبه، فكيف يحقق ما طلبه العبد وهو شيء واحد، فنقول المؤمن ينصر الله بخروجه إلى القتال وإقدامه، والله ينصره بتقويته وتثبيت أقدامه، وإرسال الملائكة الحافظين له من خلفه وقدامه.

نظم الدرر في تناسب الآيات و السور للبقاعي 885 هـ :

{يا أيها الذين آمنوا} أي أقروا بذلك وإن كان في أدنى الدرجات بما أشعرت به أداة البعد والصلة بالماضي {إن تنصروا الله} أي يتجدد لكم نية مستمرة وفعل دائم على نصرة دين الملك الأعظم بإيضاح أدلته وتبيينها وتوهية شبه أهل الباطل وقتالهم...

{ينصركم} فإنه الناصر لا غيره من عدد أو عدد فيقمع أعداء الدين بأيديكم. ولما كان النصر قد يكون مع العجز والكسل والجبن والفشل بين أنه يحميهم من ذلك فقال: {ويثبت أقدامكم} أي تثبيتاً عظيماً بأن يملأ قلوبكم سكينة واطمئناناً وأبدانكم قوة وشجاعة في حال القتل ووقت البحث والجدال، وعند مباشرة جميع الأعمال...

تيسير الكريم المنان في تفسير القرآن لابن سعدي 1376 هـ :

هذا أمر منه تعالى للمؤمنين، أن ينصروا الله بالقيام بدينه، والدعوة إليه، وجهاد أعدائه، والقصد بذلك وجه الله، فإنهم إذا فعلوا ذلك، نصرهم الله وثبت أقدامهم...

في ظلال القرآن لسيد قطب 1387 هـ :

(يا أيها الذين آمنوا إن تنصروا الله ينصركم ويثبت أقدامكم. والذين كفروا فتعسا لهم وأضل أعمالهم. ذلك بأنهم كرهوا ما أنزل الله فأحبط أعمالهم).. وكيف ينصر المؤمنون الله، حتى يقوموا بالشرط وينالوا ما شرط لهم من النصر والتثبيت؟ إن لله في نفوسهم أن تتجرد له، وألا تشرك به شيئا، شركا ظاهرا أو خفيا، وألا تستبقي فيها معه أحدا ولا شيئا، وأن يكون الله أحب إليها من ذاتها ومن كل ما تحب وتهوى، وأن تحكمه في رغباتها ونزواتها وحركاتها وسكناتها، وسرها وعلانيتها، ونشاطها كله وخلجاتها.. فهذا نصر الله في ذوات النفوس. وإن لله شريعة ومنهاجا للحياة، تقوم على قواعد وموازين وقيم وتصور خاص للوجود كله وللحياة. ونصر الله يتحقق بنصرة شريعته ومنهاجه، ومحاولة تحكيمها في الحياة كلها بدون استثناء، فهذا نصر الله في واقع الحياة. ونقف لحظة أمام قوله تعالى: (والذين قتلوا في سبيل الله)..

وقوله: (إن تنصروا الله).. وفي كلتا الحالتين. حالة القتل. وحالة النصرة. يشترط أن يكون هذا لله وفي سبيل الله... وبعد فهذا شرط الله على الذين آمنوا. فأما شرطه لهم فهو النصر وتثبيت الأقدام. وعد الله لا يخلفه. فإذا تخلف فترة؛ فهو أجل مقدر لحكمة أخرى تتحقق مع تحقق النصر والتثبيت. ذلك حين يصح أن المؤمنين وفوا بالشرط ثم تخلف عنهم -فترة- نصر الله. ثم نقف لحظة أمام لفتة خاصة في التعبير: (ينصركم. ويثبت أقدامكم).. إن الظن يذهب لأول وهلة أن تثبيت الأقدام يسبق النصر، ويكون سببا فيه. وهذا صحيح. ولكن تأخير ذكره في العبارة يوحي بأن المقصود معنى آخر من معاني التثبيت. معنى التثبيت على النصر وتكاليفه. فالنصر ليس نهاية المعركة بين الكفر والإيمان، وبين الحق والضلال. فللنصر تكاليفه في ذات النفس وفي واقع الحياة. للنصر تكاليفه في عدم الزهو به والبطر. وفي عدم التراخي بعده والتهاون. وكثير من النفوس يثبت على المحنة والبلاء. ولكن القليل هو الذي يثبت على النصر والنعماء. وصلاح القلوب وثباتها على الحق بعد النصر منزلة أخرى وراء النصر. ولعل هذا هو ما تشير إليه عبارة القرآن. والعلم لله.

التحرير والتنوير لابن عاشور 1393 هـ :

ومعنى نصرهم الله: نصرُ دينه ورسوله صلى الله عليه وسلم لأن الله غني عن النصر في تنفيذ إرادته كما قال: {ولو يشاء الله لانتصر منهم} [محمد: 4]. ولا حاجة إلى تقدير مضاف بين {تنصروا} واسم الجلالة تقديره: دين الله، لأنه يقال: نصر فلان فلاناً، إذا نصر ذويه وهو غير حَاضر. وجيء في الشرط بحرف {إنْ} الذي الأصل فيه عدم الجزم بوقوع الشرط للإشارة إلى مشقة الشرط وشدته ليُجعل المطلوبُ به كالذي يشك في وفائه به...

وتثبيت الأقدام: تمثيل لليقين وعدم الوهن بحالة من ثبتت قدمه في الأرض فلم يَزِل، فإن الزلل وهَن يسقط صاحبه، ولذلك يمثَّل الانهزام والخيبة والخطأ بزلل القدم قال تعالى: {فتزل قدَم بعد ثبوتها} [النحل: 94]...

الأمثل في تفسير كتاب الله المنزل - لجنة تأليف بإشراف الشيرازي 2009 هـ :

وعبارة (تنصروا الله) تعني بوضوح نصرة دينه، ونصرة نبيّه، وشريعته وتعليماته...

ولنرَ ما هو هذا الوعد الذي وعد الله به المجاهدين إذا ما دافعوا عن دينه؟ يقول أوّلاً (ينصركم) أمّا كيف يتمّ ذلك؟ فإنّ الطرق كثيرة، فهو سبحانه يلقي في قلوبكم نور الإيمان، وفي نفوسكم وأرواحكم التقوى، وفي أرادتكم القوّة والتصميم أكثر، وفي أفكاركم الهدوء والاطمئنان. ومن جانب آخر يرسل الملائكة لمدكم ونصرتكم، ويغيّر مسار الحوادث لصالحكم، ويجعل أفئدة الناس تهوي إليكم، ويجعل كلماتكم نافذة في القلوب، ويصيّر نشاطاتكم وجهودكم مثمرة. نعم، إنّ نصرة الله تحيط بالجسم والروح، من الداخل والخارج. إلاّ أنّه سبحانه يؤكّد على مسألة تثبيت الأقدام من بين كلّ أشكال النصرة، وذلك لأنّ الثبات أمام العدو أهم رمز للانتصار، وإنّما يكسب الحرب الذين يصمدون ويستقيمون أكثر، ولذلك نقرأ في قصة محاربة طالوت القائد العظيم لبني إسرائيل لجالوت المتسلّط الجائر القوي أنّ المؤمنين القليلين الذين كانوا معه عندما واجهوا جيش العدو الجرار، قالوا: (ربّنا أفرغ علينا صبراً وثبّت أقدامنا وانصرنا على القوم الكافرين). ونقرأ في الآية التي بعدها: (فهزموهم بإذن الله). أجل، إنّ نتيجة ثبات القدم هي النصر المؤزّر على العدو.