فتح الرحمن في تفسير القرآن لتعيلب - تعيلب  
{يَـٰٓأَيُّهَا ٱلَّذِينَ ءَامَنُوٓاْ إِن تَنصُرُواْ ٱللَّهَ يَنصُرۡكُمۡ وَيُثَبِّتۡ أَقۡدَامَكُمۡ} (7)

{ يا أيها الذين آمنوا إن تنصروا الله ينصركم ويثبّت أقدامكم( 7 ) } .

وعد من مولانا الحق لا يخلف ، إذا نصر المؤمنون رسالة ربهم ورسوله أظهرهم الله- تبارك اسمه- على عدوهم ، وثبّت أقدامهم على دينه القويم وصراطه المستقيم ، فلا تضرهم فتنة ، ولن يرتدوا على أدبارهم بعد أن تبين لهم الهدى .

يقول صاحب روح المعاني : { تنصروا الله } أي دينه ورسوله صلى الله عليه وسلم ، لا على أن الكلام على تقدير مضاف ، بل على أن نصرة الله فيه تجوز في النسبة ، فنصرته- سبحانه- نصرة رسوله ودينه ، إذ هو – جلّ شأنه وعلا- المُعِين الناصر ، وغيره- سبحانه- المعان المنصور .

مما أورد القرطبي : وقد مضى في ( الأنفال ) هذا المعنى ، وقال هناك : { إذ يوحي ربك إلى الملائكة أني معكم فثبتوا الذين آمنوا }{[4810]} فأثبت هناك واسطة ونفاها هنا ، كقوله تعالى : { قل يتوفاكم ملك الموت . . }{[4811]} ثم نفاها بقوله : { الله الذي خلقكم ثم رزقكم ثم يميتكم . . }{[4812]} ومثله كثير ، فلا فاعل إلا الله وحده .

أقول : ليس المراد التعارض ، ولكن قد تصرح آية بذكر سبب لفعل ربنا- الواحد المختار ، الفعال لما يريد- فيأتي الفعل منسوبا إلى سببه ، كأمر الله تعالى للملائكة : { . . فثبتوا الذين آمنوا . . } بينما تأتي آية ثانية ليس فيها توسيط سبب ، كما هاهنا : { . . ويثبت . . } وربنا هو القادر القاهر ، يقضي ما يشاء بسبب وبغير سبب { إنما أمره إذا أراد شيئا أن يقول له كن فيكون }{[4813]} .


[4810]:سورة الأنفال. من الآية 12.
[4811]:سورة السجدة. من الآية 12.
[4812]:سورة الروم. من الآية 40.
[4813]:سورة يس. الآية 82.