في ظلال القرآن لسيد قطب - سيد قطب [إخفاء]  
{لَقَدۡ جِئۡنَٰكُم بِٱلۡحَقِّ وَلَٰكِنَّ أَكۡثَرَكُمۡ لِلۡحَقِّ كَٰرِهُونَ} (78)

57

وفي ظل هذا المشهد الكامد المكروب يخاطب هؤلاء الكارهين للحق ، المعرضين عن الهدى ، الصائرين إلى هذا المصير ؛ ويعجب من أمرهم على رؤوس الأشهاد ، في أنسب جو للتحذير والتعجيب

( لقد جئناكم بالحق ، ولكن أكثركم للحق كارهون . أم أبرموا أمراً ? فإنا مبرمون . أم يحسبون أنا لا نسمع سرهم ونجواهم ? بلى ورسلنا لديهم يكتبون ) . .

وكراهة الحق هي التي كانت تحول بينهم وبين اتباعه ، لا عدم إدراك أنه الحق ، ولا الشك في صدق الرسول الكريم ؛ فما عهدوا عليه كذباً قط على الناس ، فكيف يكذب على الله ويدعي عليه ما يدعيه ?

والذين يحاربون الحق لا يجهلون في الغالب أنه الحق ، ولكنهم يكرهونه ، لأنه يصادم أهواءهم ، ويقف

في طريق شهواتهم ، وهم أضعف من أن يغالبوا أهواءهم وشهواتهم ؛ ولكنهم أجرأ على الحق وعلى دعاته ! فمن ضعفهم تجاه الأهواء والشهوات يستمدون القوة على الحق والاجتراء على الدعاة !

لهذا يهددهم صاحب القوة والجبروت ، العليم بما يسرون وما يمكرون :

 
تفسير القرآن العظيم لابن كثير - ابن كثير [إخفاء]  
{لَقَدۡ جِئۡنَٰكُم بِٱلۡحَقِّ وَلَٰكِنَّ أَكۡثَرَكُمۡ لِلۡحَقِّ كَٰرِهُونَ} (78)

ثم ذكر سبب شقوتهم وهو مخالفتهم للحق ومعاندتهم له فقال : { لَقَدْ جِئْنَاكُمْ بِالْحَقِّ } أي : بيناه لكم ووضحناه وفسرناه ، { وَلَكِنَّ أَكْثَرَكُمْ لِلْحَقِّ كَارِهُونَ } أي : ولكن كانت سجاياكم لا تقبله ولا تقبل عليه ، وإنما تنقاد للباطل وتعظمه ، وتصد عن الحق وتأباه ، وتبغض أهله ، فعودوا على أنفسكم بالملامة ، واندموا حيث لا تنفعكم{[26143]} الندامة .


[26143]:- (3) في ت، م: "لا تنفع".
 
أنوار التنزيل وأسرار التأويل للبيضاوي - البيضاوي [إخفاء]  
{لَقَدۡ جِئۡنَٰكُم بِٱلۡحَقِّ وَلَٰكِنَّ أَكۡثَرَكُمۡ لِلۡحَقِّ كَٰرِهُونَ} (78)

{ لقد جئناكم بالحق } بالإرسال والإنزال ، وهو تتمة الجواب إن كان في { قال } ضمير الله وإلا فجواب منه فكأنه تعالى تولى جوابهم بعد جواب مالك . { ولكن أكثركم للحق كارهون } لما في اتباعه من إتعاب النفس وآداب الجوارح .