اللباب في علوم الكتاب لابن عادل - ابن عادل  
{لَقَدۡ جِئۡنَٰكُم بِٱلۡحَقِّ وَلَٰكِنَّ أَكۡثَرَكُمۡ لِلۡحَقِّ كَٰرِهُونَ} (78)

ثم إنه تعالى ذكر بعد ذلك ماهو كالعلة لذلك الجواب فقال : { لَقَدْ جِئْنَاكُم بالحق ولكن أَكْثَرَكُمْ لِلْحَقِّ كَارِهُونَ } والمراد نُفْرَتُهُمْ عن محمد صلى الله عليه وسلم وعن القرآن ، وشدّة بغضهم لقبول الدين الحق .

فإن قيل : كيف قال : «وَنَادَوْا يَا مَالِكُ » بَعْدَ مَا وَصَفُهمْ بالإبْلاَسِ ؟

فالجواب : أنها أزمنةٌ متطاولة ، وأحقابٌ ممتدة فتختلف بهم الأحوال فَيْسكُنُونَ أوقاتاً لغلبة اليأس عليهم ويستغيثون أوقاتاً لشدة ما بهم . روي أنه يُلْقَى على أهل النار الجوع حتى يعدل ما هم فيه من العذاب فيقولون : ادعوا مالكاً فيَدْعُونَ يا مالكُ لِيَقْضِي عَلَيْنَا رَبُّكَ .