نظم الدرر في تناسب الآيات و السور للبقاعي - البقاعي  
{لَقَدۡ جِئۡنَٰكُم بِٱلۡحَقِّ وَلَٰكِنَّ أَكۡثَرَكُمۡ لِلۡحَقِّ كَٰرِهُونَ} (78)

ولما ذكر سبحانه الساعة عند ذكر عيسى عليه الصلاة والسلام فقال { وإنه لعلم للساعة } وأكد أمرها وشرح بعض أحوالها إلى أن ختم بما دل على انحلال عزائمهم ولين شكائمهم ، وكانوا غير مقرين بذلك ، قال مؤكداً جواباً لمن يبصر بعض البصر فيقول : أحق هذا ؟ ويتوقع الجواب : { لقد جئناكم } أي في هذه السورة خصوصاً وجميع القرآن عموماً ، سمى مجيء الرسل مجيئاً لهم لما لمجيئهم من العظمة التي أشارت إليها النون { بالحق } الكامل في الحقية ، ولما كان ظهور حقيته بحيث لا يخفى على أحد ولكن شدة البغض وشدة الحب تريان الأشياء على غير ما هي عليه ، قال إشارة إلى ذلك : { ولكن أكثركم } أي أيها المخاطبون { للحق كارهون * } لما فيه من المنع عن الشهوات فلذلك أنتم تقولون : إنه ليس بحق لأجل كراهتكم فقط ، لا لأجل أن في حقيته نوعاً من الخفاء .