السراج المنير في تفسير القرآن الكريم للشربيني - الشربيني  
{لَقَدۡ جِئۡنَٰكُم بِٱلۡحَقِّ وَلَٰكِنَّ أَكۡثَرَكُمۡ لِلۡحَقِّ كَٰرِهُونَ} (78)

ثم إنه تعالى ذكر ما هو كالعلة لذلك الجواب بقوله تعالى : { لقد جئناكم } أي : في هذه السورة خصوصاً وفي جميع القرآن عموماً { بالحق } على لسان الرسل وقرأ نافع وابن كثير وابن ذكوان وعاصم بإظهار الدال عند الجيم ، والباقون بالإدغام .

{ ولكن أكثركم للحق كارهون } لما فيه من المنع من الشهوات فلذلك أنتم تقولون إنه ليس بحق لأجل كراهتكم فقط لا لأجل أن في حقيّته نوعاً من الخفاء ، فإن قيل : كيف قال : ونادوا يا مالك بعد أن وصفهم بالإبلاس ؟ أجيب : بأنها أزمنة متطاولة وأحقاب ممتدة فتختلف بهم الأحوال فيسكتون أوقاتاً لغلبة اليأس عليهم ويستغيثون أوقاتاً لشدة ما بهم ، روى أنه يلقى على أهل النار الجوع حتى يعدل ما هم فيه من العذاب فيقولون : ادعوا مالكاً فيدعون { يا مالك ليقض علينا ربك } .