في ظلال القرآن لسيد قطب - سيد قطب [إخفاء]  
{إِنَّهَا سَآءَتۡ مُسۡتَقَرّٗا وَمُقَامٗا} (66)

63

إنها ساءت مستقرا ومقاما )وهل أسوأ من جهنم مكانا يستقر فيه الإنسان ويقيم . وأين الاستقرار وهي النار ? وأين المقام وهو التقلب على اللظى ليل نهار !

 
تفسير القرآن العظيم لابن كثير - ابن كثير [إخفاء]  
{إِنَّهَا سَآءَتۡ مُسۡتَقَرّٗا وَمُقَامٗا} (66)

{ إِنَّهَا سَاءَتْ مُسْتَقَرًّا وَمُقَامًا } أي : بئس المنزل منظرا ، وبئس المقيل مقامًا .

[ و ]{[21590]} قال ابن أبي حاتم عند قوله : { إِنَّهَا سَاءَتْ مُسْتَقَرًّا وَمُقَامًا } : حدثنا أبي ، حدثنا الحسن بن الربيع ، حدثنا أبو الأحوص عن الأعمش ، عن مالك بن الحارث قال : إذا طُرح الرجل في النار هوى فيها ، فإذا انتهى إلى بعض أبوابها قيل له : مكانك حتى تتحف ، قال : فيسقى كأسا من سُمِّ الأساود والعقارب ، قال : فيميز الجلد على حدة ، والشعر على حدة ، والعصب على حدة ، والعروق على حدة .

وقال أيضًا : حدثنا أبي ، حدثنا الحسن بن الربيع ، حدثنا أبو الأحوص ، عن الأعمش ، عن مجاهد ، عن عُبيد بن عمير قال : إن في النار لجبابًا فيها حيات أمثال البخت ، وعقارب أمثال البغال الدلم{[21591]} ، فإذا قذف بهم في النار خرجت إليهم من أوطانها فأخذت بشفاههم وأبشارهم وأشعارهم ، فكشطت لحومهم إلى أقدامهم ، فإذا وجدت حر النار رجعت .

وقال الإمام أحمد : حدثنا الحسن بن موسى ، حدثنا سلام - يعني ابن مسكين - عن أبي ظلال ، عن أنس بن مالك - رضي الله عنه - عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : " إن عبدًا في جهنم لينادي ألف سنة : يا حنان ، يا منان . فيقول الله لجبريل : اذهب فآتني بعبدي هذا . فينطلق جبريل فيجد أهل النار مُنكبين{[21592]} يبكون ، فيرجع إلى ربه عز وجل فيخبره ، فيقول الله عز وجل : آتني به فإنه في مكان كذا وكذا . فيجيء به فيوقفه على ربه عز وجل ، فيقول له : يا عبدي ، كيف وجدت مكانك ومقيلك ؟ فيقول : يا رب شر مكان ، شر مقيل . فيقول : ردوا عبدي . فيقول : يا رب ، ما كنت أرجو إذ أخرجتني منها أن تردني فيها ! فيقول : دعوا عبدي{[21593]} .


[21590]:- زيادة من أ.
[21591]:- في أ : "الدهم".
[21592]:- في أ : "مكبين".
[21593]:- المسند (3/230) وقال الهيثمي في المجمع (10/384) : "رجاله رجال الصحيح غير أبي ظلال وضعفه الجمهور ، ووثقه ابن حبان".
 
جامع البيان عن تأويل آي القرآن للطبري - الطبري [إخفاء]  
{إِنَّهَا سَآءَتۡ مُسۡتَقَرّٗا وَمُقَامٗا} (66)

وقوله إنّها ساءَتْ مُسْتَقَرّا وَمُقاما يقول : إن جهنم ساءت مستقرا ومقاما ، يعني بالمستقرّ : القرار ، وبالمقام : الإقامة كأن معنى الكلام : ساءت جهنم منزلاً ومقاما . وإذا ضمت الميم من المقام فهو من الإقامة ، وإذا فتحت فهو من : قمتُ ، ويقال : المقام إذا فتحت الميم أيضا هو المجلس . ومن المُقام بضمّ الميم بمعنى الإقامة ، قول سلامة بن جندل :

يَوْمانِ : يَوْمُ مُقاماتٍ وأنْدِيَةٍ *** وَيَوْمُ سَيْرٍ إلى الأعْداءِ تأْوِيَبا

ومن المَقام الذي بمعنى المجلس ، قول عباس بن مرداس :

فَأتّي ما وأيّكَ كانَ شَرّا *** فَقِيدَ إلى المَقامَة لا يَرَاها

يعني : المجلس .

 
المحرر الوجيز في تفسير الكتاب العزيز لابن عطية - ابن عطية [إخفاء]  
{إِنَّهَا سَآءَتۡ مُسۡتَقَرّٗا وَمُقَامٗا} (66)

وقرأ جمهور الناس «مُقاماً » بضم الميم من الإقامة ، ومنه قول الشاعر : «حيوا المقام وحيوا ساكن الدار »{[8876]} ، وقرأ فرقة «مَقاماً » بفتح الميم من قام يقوم فجنهم ضد مقام كريم والأول أفصح وأشهر .


[8876]:المقام: مكان الإقامة، فالتحية لكل من الدار وساكنها.
 
التحرير والتنوير لابن عاشور - ابن عاشور [إخفاء]  
{إِنَّهَا سَآءَتۡ مُسۡتَقَرّٗا وَمُقَامٗا} (66)

جملة { إنها ساءت مستقراً ومقاماً } يجوز أن تكون حكاية لكلام القائلين فتكون تعليلاً ثانياً مؤكّداً لتعليلهم الأول ، وأن تكون من جانب الله تعالى دون التي قبلها فتكون تأييداً لتعليل القائلين . وأن تكون من كلام الله مع التي قبلها فتكون تكريراً للاعتراض .

والمستقَرّ : مكان الاستقرار . والاستقرار : قوة القرار . والمقام : اسم مكان الإقامة ، أي ساءت موضعاً لمن يستقر فيها بدون إقامة مثل عصاة أهل الأديان ولمن يقيم فيها من المكذبين للرسل المبعوثين إليهم .