مفاتيح الغيب للرازي - الفخر الرازي  
{إِنَّهَا سَآءَتۡ مُسۡتَقَرّٗا وَمُقَامٗا} (66)

أما قوله تعالى : { إنها ساءت مستقرا ومقاما } فقوله : { ساءت } في حكم بئست وفيها ضمير مبهم تفسيره مستقرا ، والمخصوص بالذم محذوف معناه ساءت مستقرا ومقاما هي ومستقرا حال أو تمييز ، فإن قيل دلت الآية على أنهم سألوا الله تعالى أن يصرف عنهم عذاب جهنم لعلتين : إحداهما أن عذابها كان غراما ، وثانيهما : أنها ساءت مستقرا ومقاما ، فما الفرق بين الوجهين ؟ وأيضا فما الفرق بين المستقر والمقام ؟ قلنا المتكلمون ذكروا أن عقاب الكافر يجب أن يكون مضرة خالصة عن شوائب النفع دائمة ، فقوله : { إن عذابها كان غراما } إشارة إلى كونه مضرة خالصة عن شوائب النفع ، وقوله : { إنها ساءت مستقرا ومقاما } إشارة إلى كونها دائمة ، ولا شك في المغايرة ، أما الفرق بين المستقر والمقام فيحتمل أن يكون المستقر للعصاة من أهل الإيمان فإنهم يستقرون في النار ولا يقيمون فيها ، وأما الإقامة فللكفار ، واعلم أن قوله : { إنها ساءت مستقرا ومقاما } يمكن أن يكون من كلام الله تعالى ويمكن أن يكون حكاية لقولهم .