روح المعاني في تفسير القرآن والسبع المثاني للآلوسي - الآلوسي  
{إِنَّهَا سَآءَتۡ مُسۡتَقَرّٗا وَمُقَامٗا} (66)

وكذا قوله تعالى : { إِنَّهَا سَاءتْ مُسْتَقَرّاً وَمُقَاماً } وهو تعليل لذلك بسوء حالها في نفسها . وترك العطف للإشارة إلى أن كلا منهما مستقل بالعلية ، وقيل : تعليل لما علل به أولا وضعفه ابن هشام في التذكرة بأنه لا مناسبة بين كون الشيء غراماً وكونه ساء مستقرا .

وأجيب بأنه بملاحظة اللزوم والمقام فإن المقام من شأنه اللزوم ، وقيل : كلتا الجملتين من كلامه تعالى ابتداء علل بهما القول على نحو ما تقدم أو علل ذلك بأولاهما وعللت الأولى بالثانية ، وجوز كون احداهما مقولة والأخرى ابتدائية والكل كما ترى . و { سَاءتْ } في حكم بئست والمخصوص بالذم محذوف تقديره هي وهو الرابط لهذه الجملة بما هي خبر عنه إن لم يكن ضمير القصة . و { مُّسْتَقِرٌّ } تمييز وفيها ضمير مبهم عائد على { مُسْتَقِرّاً } مفسر به وأنت لتؤويل المستقر بجنهم أو مطابقة للمخصوص . ألا ترى إلى ذي الرمة كيف أنث الزورق على تأويل السفينة حيث كان المخصوص مؤنثاً في قوله :

أو حرة عيطل ثبجاء مجفرة *** دعائم الزور نعمت زورق البلد

قيل : ويجوز أن تكون { سَاءتْ } بمعنى أحزنت فهي فعل متصرف متعد وفاعله ضمير جهنم ومفهوله محذوف أي أحزونت أهلها وأصحابها و { مُسْتَقِرّاً } تمييز أو حال وهو مصدر بمعنى الفاعل أو اسم مكان وليس بذاك .

والظاهر أن { مُسْتَقِرّاً } ومقاماً كقوله :

وألفى قولها كذبا ومينا *** وحسنه كون المقام يستدعي التطويل أو كونه فاصلة . وقيل : المستقر للعصاة والمقام للكفرة وإن في الموضعين للاعتناء بشأن الخبر . وقرأت فرقة { وَمُقَاماً } بفتح الميم أي مكان قيام .