في ظلال القرآن لسيد قطب - سيد قطب [إخفاء]  
{قُتِلَ ٱلۡخَرَّـٰصُونَ} (10)

ثم يصور لهم ذلك اليوم في مشهد حي تتملاه العيون :

( قتل الخراصون . الذين هم في غمرة ساهون . يسألون : أيان يوم الدين ? يوم هم على النار يفتنون . ذوقوا فتنتكم ، هذا الذي كنتم به تستعجلون ) . .

والخرص : الظن والتقدير الجزاف الذي لا يقوم على ميزان دقيق . والله - سبحانه - يدعوا عليهم بالقتل . فيا للهول ! ودعوة الله عليهم بالقتل قضاء بالقتل ! ( قتل الخراصون )

 
تفسير القرآن العظيم لابن كثير - ابن كثير [إخفاء]  
{قُتِلَ ٱلۡخَرَّـٰصُونَ} (10)

وقوله : { قُتِلَ الْخَرَّاصُونَ } قال مجاهد : الكذابون . قال : وهي مثل التي في عبس : { قُتِلَ الإنْسَانُ مَا أَكْفَرَهُ } [ عبس : 17 ] ، والخراصون الذين يقولون لا نبعث ولا يوقنون .

وقال علي بن أبي طلحة ، عن ابن عباس : { قُتِلَ الْخَرَّاصُونَ } أي : لعن المرتابون .

وهكذا كان معاذ ، رضي الله عنه ، يقول في خطبه : هلك المرتابون . وقال قتادة : الخراصون أهل الغرة والظنون .

 
جامع البيان عن تأويل آي القرآن للطبري - الطبري [إخفاء]  
{قُتِلَ ٱلۡخَرَّـٰصُونَ} (10)

القول في تأويل قوله تعالى : { قُتِلَ الْخَرّاصُونَ * الّذِينَ هُمْ فِي غَمْرَةٍ سَاهُونَ * يَسْأَلُونَ أَيّانَ يَوْمُ الدّينِ * يَوْمَ هُمْ عَلَى النّارِ يُفْتَنُونَ } .

يقول تعالى ذكره : لُعِن المتكهنون الذين يتخرّصون الكذب والباطل فيتظننونه .

واختلف أهل التأويل في الذين عُنُوا بقوله قُتِلَ الخَرّاصُونَ فقال بعضهم : عُنَي به المرتابون . ذكر من قال ذلك :

حدثني عليّ ، قال : حدثنا أبو صالح ، قال : ثني معاوية ، عن عليّ ، عن ابن عباس ، قوله : قُتِلَ الخَرّاصُونَ يقول : لعن المُرتابون .

وقال آخرون في ذلك بالذي قلنا فيه . ذكر من قال ذلك :

حدثني محمد بن سعد ، قال : ثني أبي ، قال : ثني عمي ، قال : ثني أبي ، عن أبيه ، عن ابن عباس ، قوله : قُتِلَ الخَرّاصُونَ قال : الكهنة .

حدثني محمد بن عمرو ، قال : حدثنا أبو عاصم ، قال : حدثنا عيسى وحدثني الحارث ، قال : حدثنا الحسن ، قال : حدثنا ورقاء جميعا ، عن ابن أبي نجيح ، عن مجاهد قُتِلَ الخَرّاصُونَ قال : الذين يتخرّصون الكذب كقوله في عبس قُتِلَ الإنْسانُ ، وقد حدثني كل واحد منهما بالإسناد الذي ذكرت عنه ، عن مجاهد ، قوله : قُتِلَ الخَرّاصُونَ قال : الذين يقولون : لا نُبْعَث ولا يُوقِنون .

حدثنا بشر ، قال : حدثنا يزيد ، قال : حدثنا سعيد ، عن قتادة قُتِلَ الخَرّاصُونَ : أهل الظنون .

حدثني يونس ، قال : أخبرنا ابن وهب ، قال : قال ابن زيد ، في قوله : قُتِلَ الخَرّاصُونَ قال : القوم الذين كانوا يتخرّصون الكذب على رسول الله صلى الله عليه وسلم ، قالت طائفة : إنما هو ساحر ، والذي جاء به سحر . وقالت طائفة : إنما هو شاعر ، والذي جاء به شعر وقالت طائفة : إنما هو كاهن ، والذي جاء به كهانة وقالت طائفة أساطِيرُ الأوّلِينَ اكْتَتَبَها فَهِيَ تُمْلَى عَلَيْهِ بُكْرَةً وأصِيلاً يتخرّصون على رسول الله صلى الله عليه وسلم .

 
أنوار التنزيل وأسرار التأويل للبيضاوي - البيضاوي [إخفاء]  
{قُتِلَ ٱلۡخَرَّـٰصُونَ} (10)

{ قتل الخراصون } الكذابون من أصحاب القول المختلف ، وأصله الدعاء بالقتل أجري مجرى اللعن .

 
التحرير والتنوير لابن عاشور - ابن عاشور [إخفاء]  
{قُتِلَ ٱلۡخَرَّـٰصُونَ} (10)

دعاء بالهلاك على أصحاب ذلك القول المختلف لأن المقصود بقتلهم أن الله يهلكهم ، ولذلك يكثر أن يقال : قاتله الله ، ثم أجري مجرى اللعن والتحقير والتعجيب من سوء أحوال المدعو عليه بمثل هذا .

وجملة الدعاء لا تعطف لأنها شديدة الاتصال بما قبلها مما أوجب ذلك الوصف لدخولهم في هذا الدعاء ، كما كان تعقيب الجمل التي قبلها بها إيماء إلى أن ما قبلها سبب للدعاء عليهم ، وهذا من بديع الإيجاز .

والخرص : الظن الذي لا حجة لصاحبه على ظنه ، فهو معرَّض للخطأ في ظنه ، وذلك كناية عن الضلال عمداً أو تساهلاً ، فالخرّاصون هم أصحاب القول المختلف ، فأفاد أن قولهم المختلف ناشىء عن خواطر لا دليل عليها . وقد تقدم في الأنعام ( 116 ) { إن يتّبعون إلا الظن وإن هم إلا يخرصون } فالمراد هنا الخرص بالقول في ذات الله وصفاته .

واعلم أن الخرص في أصول الاعتقاد مذموم لأنها لا تبنى إلا على اليقين لخطر أمرها وهو أصل محل الذم في هذه الآية . وأما الخرص في المعاملات بين الناس فلا يذم هذا الذّمَّ وبعضه مذموم إذا أدى إلى المخاطرة والمقامرة . وقد أذن في بعض الخرص للحاجة . ففي « الموطأ » عن زيد بن ثابت وأبي هريرة « أن النبيء صلى الله عليه وسلم رخّص في بيع العرايا بخرصها » يعني في بيع ثمرة النخلات المعطاة على وجهة العَريَّة وهي هبة مالك النخل ثمر بعض نخله لشخص لسنة معينة فإن الأصل أن يقبِض ثمرتها عند جذاذ النخل فإذا بَدَا لصاحب الحائط شراءُ تلك الثمرة قبل طيبها رخص أن يبيعها المُعْرَى ( بالفتح ) للمُعْرِي بالكسر إذا أراد المعري ذلك فيخرص ما تحمِله النخلات من الثمر على أن يعطيه عند الجذاذِ ما يساوي ذلك المخروص إذا لم يكن كثيراً وحُدد بخمسة أوسق فأقل ليدفع صاحب النخل عن نفسه تطرق غيره لحائطه ، وذلك لأن أصلها عطية فلم يدخل إضرار على المُعرِي من ذلك .