الجامع لأحكام القرآن للقرطبي - القرطبي  
{قُتِلَ ٱلۡخَرَّـٰصُونَ} (10)

قوله تعالى : " قتل الخراصون " في التفسير : لعن الكذابون . وقال ابن عباس : أي قتل المرتابون ، يعني الكهنة . وقال الحسن : هم الذين يقولون لسنا نبعث . ومعنى " قتل " أي هؤلاء ممن يجب أن يدعى عليهم بالقتل على أيدي المؤمنين . وقال الفراء : معنى " قتل " لعن ، قال : و " الخراصون " الكذابون الذين يتخرصون بما لا يعلمون ، فيقولون : إن محمدا مجنون كذاب . ساحر شاعر ، وهذا دعاء عليهم ؛ لأن من لعنه الله فهو بمنزلة المقتول الهالك . قال ابن الأنباري : علمنا الدعاء عليهم ، أي قولوا : " قتل الخراصون " وهو جمع خارص ، والخَرْص الكذب والخَرَّاص الكذاب ، وقد خَرَص يَخْرُص بالضم خَرْصا أي كذب ، يقال : خَرَص واخترص ، وخلق واختلق ، وبَشَك وابتشك ، وسرج واسترج ، ومَان ، بمعنى كذب ، حكاه النحاس . والخرص أيضا حزر ما على النخل من الرطب تمرا . وقد خَرَصت النخل والاسم الخرص بالكسر ، يقال : كم خِرص نخلك والخَرَّاص الذي يخرصها فهو مشترك . وأصل الخَرْص القطع على ما تقدم بيانه في " الأنعام{[14208]} " ومنه الخريص للخليج ؛ لأنه ينقطع إليه الماء ، والخُِرص حبة القرط إذا كانت منفردة ؛ لانقطاعها عن أخواتها ، والخُرْص العود ؛ لانقطاعه عن نظائره بطيب رائحته . والخَرِص الذي به جوع وبرد ؛ لأنه ينقطع به ، يقال : خرص الرجل بالكسر فهو خرص ، أي جائع مقرور ، ولا يقال للجوع بلا برد خَرَص . ويقال للبرد بلا جوع خَرَص . والخُِرص بالضم والكسر الحلقة من الذهب أو الفضة والجمع الخِرْصَان . ويدخل في الخَرْص قول المنجمين وكل من يدعي الحدس والتخمين . وقال ابن عباس : هم المقتسمون الذين اقتسموا أعقاب مكة ، واقتسموا القول في نبي الله صلى الله عليه وسلم ؛ ليصرفوا الناس عن الإيمان به .


[14208]:راجع جـ 7 ص 71.