في ظلال القرآن لسيد قطب - سيد قطب [إخفاء]  
{وَإِنَّ ٱلدِّينَ لَوَٰقِعٞ} (6)

يقسم الله - سبحانه - بهذه الخلائق الأربع على : إنما توعدون لصادق . وإن الدين لواقع . . وقد وعد الله الناس : أنه مجازيهم بالإحسان إحسانا ، ومجازيهم بالسوء سوء وأنه إذا أمهلهم الحساب في الأرض ، فليس بمهمل حسابهم في الآخرة فالحساب لا بد منه هناك ! ( وإن الدين لواقع ) . . فالوعد صادق حتما إما هنا وإما هناك . . ومما وعدهم كذلك الرزق وكفالته لهم مبسوطا أو مقدرا - وفق مشيئته - ووعده حق في هذا كما هو حق في كل شأن .

ولا بد أن يتحقق ما وعد الله به الناس في الصورة التي يريدها ، وفي الوقت الذي يريده ، وما يحتاج الأمر إلى قسم منه - سبحانه - إنما يقسم بخلائقه تلك لتوجيه القلب إليها - كما تقدم - وتدبر ما وراءها من إبداع وقدرة وتدبير يوحي للقلب بأن وعد الله - باريء هذه الخلائق بهذا النظام وهذا التقدير - لا بد صادق ؛ وأن حسابه على الخير والشر والصلاح والفساد لا بد واقع . فإن طبيعة هذه الخلائق توحي بأن الأمر ليس عبثا ولا مصادفة ولا جزافا . . وهكذا تصبح تلك الخلائق آيات وبراهين ذات دلالة إيحائية قوية بفضل هذا القسم الذي يلفت القلب إليها لفتا ، ويوجه الحس إليها توجيها . فهي طريقة من طرق الإيحاء والتربية ، ومخاطبة الفطرة بلغة الكون خطابا مباشرا !

   
تيسير التفسير لإبراهيم القطان - إبراهيم القطان [إخفاء]  
{وَإِنَّ ٱلدِّينَ لَوَٰقِعٞ} (6)

والدين : هنا الحساب والجزاء .

وإن الدّين ( وهو الجزاء على أعمالكم ) لحاصِل .

 
التسهيل لعلوم التنزيل، لابن جزي - ابن جزي [إخفاء]  
{وَإِنَّ ٱلدِّينَ لَوَٰقِعٞ} (6)

{ وإن الدين لواقع } الدين هنا الجزاء ، وقيل : الحساب .

 
نظم الدرر في تناسب الآيات و السور للبقاعي - البقاعي [إخفاء]  
{وَإِنَّ ٱلدِّينَ لَوَٰقِعٞ} (6)

ولما كان أجل وعيدهم وما يتعلق بالجزاء يوم القيامة وكانوا ينكرونه ، قال : { وإن الدين } أي المجازاة لكل أحد بما كسب يوم البعث ، والشرع الذي أرسلت به هذا النبي الكريم { لواقع * } لا بد منه وإن أنكرتم ذلك ، فيظهر دينه على الدين كله كما وعد بذلك ، ثم نقيم الناس كلهم للحساب .

وقال الإمام أبو جعفر بن الزبير في برهانه : لما ذكر سبحانه المواعيد الأخراوية{[61305]} في سورة ق وعظيم تلك الأحوال من لدن قوله { وجاءت سكرة الموت بالحق } إلى آخر السورة ، أتبع{[61306]} سبحانه ذلك بالقسم على وقوعه وصدقه فقال : { والذاريات ذرواً } إلى-{[61307]} قوله : { إنما توعدون لصادق وإن الدين لواقع } والدين الجزاء ، أي أنهم سيجازون {[61308]}على ما{[61309]} كان منهم ويوفون قسط أعمالهم { فلا تحسبن الله غافلاً عما يعمل الظالمون } { إنما نملي لهم ليزدادوا إثماً } . ولما أقسم الله على صدق وعده ووقوع الجزاء ، عقب ذلك بتكذيبهم بالجزاء وازدرائهم فقال { يسألون أيان يوم الدين } ثم ذكر تعالى حال الفريقين وانتهاء الطريقين إلى قوله : { وفي الأرض آيات للموقنين } فوبخ تعالى من لم يعمل فكره ولا بسط نظره فيما أودع سبحانه في العالم من العجائب ، وأعقب بذكر إشارات إلى أحوال الأمم وما أعقبهم تكذيبهم ، وكل هذا تنبيه لبسط النظر إلى قوله : { ومن كل شيء خلقنا } بقوله : { كذلك ما أتى الذين من قبلهم من رسول إلا قالوا ساحر أو مجنون } أي إن هذا دأبهم وعادتهم حتى كأنهم تعاهدوا عليه وألقاه بعضهم إلى بعض فقال تعالى : { تواصوا به أم هم قوم طاغون } أي عجباً لهم في جريهم على التكذيب و-{[61310]}الفساد في مضمار واحد ، ثم قال تعالى : { بل هم قوم طاغون } أي أن علة تكذيبهم هي-{[61311]} التي اتحدت فاتحد معلولها ، والعلة طغيانهم وإظلام قلوبهم بما سبق { ولو شئنا لأتينا كل نفس هداها } ثم زاد نبيه عليه السلام أشياء مما ورد {[61312]}على طريقة{[61313]} تخييره عليه السلام في أمرهم من قوله تعالى : { فتول عنهم فما أنت بملوم } ثم أشار تعالى بقوله : { وذكر فإن الذكرى تنفع المؤمنين } إلى أن إحراز أجره عليه السلام إنما هو في التذكار والدعاء إلى الله تعالى ، ثم ينفع الله بذلك من سبقت له السعادة { إنما يستجيب الذين يسمعون } ثم أخبر نبيه عليه الصلاة والسلام بأن تكذيبه {[61314]}سينالهم قسط{[61315]} ونصيب مما نال غيرهم{[61316]} من ارتكب{[61317]} مرتكبهم ، وسلك مسلكهم ، فقال تعالى { وإن للذين ظلموا ذنوباً مثل ذنوب أصحابهم } إلى آخر السورة - انتهى .


[61305]:من مد، وفي الأصل: الأخوية.
[61306]:من مد، وفي الأصل: اتبعه.
[61307]:من مد، وفي الأصل: الأخوية.
[61308]:من مد، وفي الأصل: لما.
[61309]:من مد، وفي الأصل: لما.
[61310]:زيد من مد.
[61311]:زيد من مد.
[61312]:من مد، وفي الأصل: عليه لطريقه.
[61313]:من مد، وفي الأصل: عليه لطريقه.
[61314]:من مد، وفي الأصل: شيء له قطع.
[61315]:من مد، وفي الأصل: شيء له قطع.
[61316]:من مد، وفي الأصل: غيره.
[61317]:زيد في الأصل ومد: من.