فتح القدير الجامع بين فني الرواية والدراية من علم التفسير للشوكاني - الشوكاني  
{وَإِنَّ ٱلدِّينَ لَوَٰقِعٞ} (6)

{ والسماء ذَاتِ الحبك } قرأ الجمهور { الحُبُكِ } بضم الحاء والباء ، وقرئ بضم الحاء وسكون الباء ، وبكسر الحاء وفتح الباء ، وبكسر الحاء وضم الباء . قال ابن عطية : هي لغات ، والمراد بالسماء هنا : هي المعروفة ، وقيل : المراد بها السحاب ، والأوّل أولى .

واختلف المفسرون في تفسير الحبك ؛ فقال مجاهد وقتادة والربيع وغيرهم : المعنى ذات الخلق المستوي الحسن . قال ابن الأعرابي : كل شيء أحكمته وأحسنت عمله ، فقد حبكته واحتبكته . وقال الحسن وسعيد بن جبير : ذات الزينة . وروي عن الحسن أيضاً أنه قال : ذات النجوم . وقال الضحاك : ذات الطرائق ، وبه قال الفراء ، يقال لما تراه من الماء والرّمل إذا أصابته الريح : حبك . قال الفراء : الحبك بكسر : كل شيء كالرمل إذا مرّت به الريح الساكنة ، والماء إذا مرّت به الرّيح ، ويقال لدرع الحديد : حبك ، ومنه قول الشاعر :

كأنما جللها الحواك *** طنفسة في وشيها حباك

أي : طرق ، وقيل : الحبك : الشدّة ، والمعنى : والسماء ذات الشدّة ، والمحبوك : الشديد الخلق من فرس أو غيره ، ومنه قول الشاعر :

قد غدا يحملني في أنفه *** لاحق الأطلين محبوك ممرّ

وقول الآخر :

مرج الدين فأعددت له *** مشرف الحارك محبوك الكتد

قال الواحدي بعد حكاية القول الأوّل : هذا قول الأكثرين .

/خ23