كذلك يقسم بالأرض وطحوها : ( والأرض وما طحاها ) . . والطحو كالدحو : البسط والتمهيد للحياة . وهي حقيقة قائمة تتوقف على وجودها حياة الجنس البشري وسائر الأجناس الحية . وهذه الخصائص والموافقات التي جعلتها يد الله في هذه الأرض هي التي سمحت بالحياة فيها وفق تقديره وتدبيره . وحسب الظاهر لنا أنه لو اختلت إحداها ما أمكن أن تنشأ الحياة ولا أن تسير في هذا الطريق الذي سارت فيه . . وطحو الأرض أو دحوها كما قال في الآية الأخرى : والأرض بعد ذلك دحاها أخرج منها ماءها ومرعاها . وهو أكبر هذه الخصائص والموافقات . ويد الله وحدها هي التي تولت هذا الأمر . فحين يذكر هنا بطحو الأرض ، فإنما يذكر بهذه اليد التي وراءه . ويلمس القلب البشري هذه اللمسة للتدبر والذكرى .
تفسير مقاتل بن سليمان 150 هـ :
يعني أقسم بالأرض ، وبالذي بسطها ، يعني الرب تعالى نفسه ،...
جامع البيان عن تأويل آي القرآن للطبري 310 هـ :
وهذه أيضا نظير التي قبلها ، ومعنى الكلام : والأرض ومَنْ طحاها . ومعنى قوله : "طَحاها" : بسطها يمينا وشمالاً ، ومن كلّ جانب . وقد اختلف أهل التأويل في معنى قوله : "طَحاها" ؛
فقال بعضهم : معنى ذلك : والأرض وما خلق فيها ...
وقال آخرون : يعني بذلك : وما بسطها...
وقال آخرون : بل معنى ذلك : وما قسمها .
التبيان في تفسير القرآن للطوسي 460 هـ :
قسم آخر بالأرض وما طحاها ... قال مجاهد والحسن : طحاها ودحاها واحد ، بمعنى بسطها، يقال طحا يطحو طحوا ودحا يدحو دحوا ...ومعناه انبسط بك إلى مذهب بعيد ... وأصل الطحو البسط الواسع . ...
نظم الدرر في تناسب الآيات و السور للبقاعي 885 هـ :
{ والأرض } أي التي هي فراشكم بمنزلة محال تصرفاتكم بالعقل في المعاني المقصودة { وما طحاها } أي بسطها على وجه هي فيه محيطة بالحيوان كله ومحاط بها في مقعر الأفلاك ، وهي مع كونها ممسكة بالقدرة كأنها طائحة في تيار بحارها ، وهي موضع البعد والهلاك ومحل الجمع - كل هذا بما يشير إليه التعبير بهذا اللفظ إشارة إلى ما في سعي الإنسان من أمثال هذا ...
في ظلال القرآن لسيد قطب 1387 هـ :
والطحو كالدحو : البسط والتمهيد للحياة...... وطحو الأرض أو دحوها كما قال في الآية الأخرى : والأرض بعد ذلك دحاها أخرج منها ماءها ومرعاها . وهو أكبر هذه الخصائص والموافقات ...
قوله تعالى { والأرض وما طحاها }
أي وطحوها . وقيل : ومن طحاها ، على ما ذكرناه آنفا . أي بسطها ، كذا قال عامة المفسرين ، مثل دحاها . قال الحسن ومجاهد وغيرهما : طحاها ودحاها : واحد ، أي بسطها من كل جانب . والطحو : البسط ، طحا يطحو طحوا ، وطحى يطحي طحيا ، وطحيت : اضطجعت ، عن أبي عمرو . وعن ابن عباس : طحاها : قسمها . وقيل : خلقها ، قال الشاعر :
وما تدري جذيمةُ من طَحَاهَا *** ولا مَنْ سَاكِنُ العرشِ الرفيعِ
الماوردي : ويحتمل أنه ما خرج منها من نبات وعيون وكنوز ؛ لأنه حياة لما خلق عليها . ويقال في بعض أيمان العرب : لا ، والقمر الطاحي ، أي المشرف المشرق المرتفع . قال أبو عمرو : طحا الرجل : إذا ذهب في الأرض . يقال : ما أدري أين طحا ! ويقال : طحا به قلبه : إذا ذهب به في كل شيء . قال علقمة :
طَحَا بكَ قلبٌ في الحسانِ طَرُوبُ *** بُعَيْدَ الشباب عصرَ حان مشيبُ
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.