ولما ذكر البناء ذكر المهاد فقال : { والأرض } أي التي هي فراشكم بمنزلة محال تصرفاتكم بالعقل في المعاني المقصودة { وما طحاها * } أي بسطها على وجه هي فيه محيطة بالحيوان كله ومحاط بها في مقعر الأفلاك ، وهي مع كونها ممسكة بالقدرة كأنها طائحة في تيار بحارها ، وهي موضع البعد والهلاك ومحل الجمع - كل هذا بما يشير إليه التعبير بهذا اللفظ إشارة إلى ما في سعي الإنسان من أمثال هذا ، قال أهل البصائر : وليس في العالم الآفاقي شيء إلا وفي العالم النفساني نظيره ، وانشدوا في ذلك :
دواؤك فيك وما تشعر *** وداؤك منك وتستنكر
وتحسب أنك جزء صغير *** وفيك انطوى العالم الأكبر
فالسماوات سبع كطباق الرأس التي تتعلق بالقوى المعنوية والحسية كالذاكرة والحافظة والواهمة والمخيلة والمفكرة والحس المشترك وما هو لمقاسم البصر في العين ، ونظير الشمس الروح في إشراقه وحسنه ، ونظير الليل الطبع فإن ما به من نور فإنما هو من الروح كما أن الليل كذلك لا يكون نوره إلا من الشمس بواسطة إفادتها للقمر المنير له والكواكب ، ونظير النهار - الذي هو نير في أصله ومتكدر بما يخيل له من السحب ونحوه - القلب وسحبه الشكوك والأوهام النفسية ، ونظير القمر في ظلمته بأصله وإنارته بالشمس النفس ، فإذا أكسبها القلب المستفيد من الروح النور أنار جميع البدن ، وإذا أظلمت أظلم كله ، والأعضاء الباطنة كالكواكب يقوم بها البدن فينير له الوجود بواسطة الروح والنفس ، والأمطار كالدمع ، والحر كالحزن ، والبرد كالسرور ، والرعد كالنطق ، والبرق كالملح ، والرياح كالنفس - إلى غير ذلك من البدائع لمن تأمل ، والعالم السفلي سبع طباق أيضاً ، قال الملوي : " ونظيرها طبقة الجلد " وهي ثلاث ، وطبقة اللحم وطبقة الشحم وطبقة العروق وطبقة العصب ، والجبال كالعظام والمعادن منها المياه وفيها العذب كالريق والملح كالدمع والمر كما في الأذن والمنتن منه كما في الأنف ، ومنه ما هو جار كالبول ، ومنه ما هو كالعيون وهو الدم ، والسيل كالعرق ، والمعادن المنطبعة كالحديد والرصاص هي وسخ الأرض وهي كالعذرة وما يخرج من الجلد من خبث ، والنبات كالشعور تارة تحلق كالحصاد وتارة تقلع كالنتف ، والحيوانات التي فيها كالقمل ، وطيورها كالبراغيث ، وعامر البدن ما أقبل منه ، وخرابه ما أدبر .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.