في ظلال القرآن لسيد قطب - سيد قطب [إخفاء]  
{وَأُزۡلِفَتِ ٱلۡجَنَّةُ لِلۡمُتَّقِينَ غَيۡرَ بَعِيدٍ} (31)

16

وعلى الضفة الأخرى من هذا الهول مشهد آخر وديع أليف ، رضي جميل . إنه مشهد الجنة ، تقرب من المتقين ، حتى تتراءى لهم من قريب ، مع الترحيب والتكريم :

وأزلفت الجنة للمتقين غير بعيد . هذا ما توعدون لكل أواب حفيظ . من خشي الرحمن بالغيب وجاء بقلب منيب . ادخلوها بسلام ذلك يوم الخلود . لهم ما يشاءون فيها ولدينا مزيد .

والتكريم في كل كلمة وفي كل حركة . فالجنة تقرب وتزلف ، فلا يكلفون مشقة السير إليها ، بل هي التي تجيء : ( غير بعيد ) ! ونعيم الرضى يتلقاهم مع الجنة :

 
لطائف الإشارات للقشيري - القشيري [إخفاء]  
{وَأُزۡلِفَتِ ٱلۡجَنَّةُ لِلۡمُتَّقِينَ غَيۡرَ بَعِيدٍ} (31)

قوله جلّ ذكره : { وَأُزْلِفَتِ الْجَنَّةُ لِلْمُتَّقِينَ غَيْرَ بَعِيدٍ } .

يقال : إنَّ الجنَّةَ تُقَرَّبُ من المتقين ، كما أَنَّ النّار تُجَرُّ بالسلاسل إلى المحشر نحو المجرمين .

ويقال : بل تقرب الجنة بأن يسهل على المتقين حشرهم إليها . . . وهم خواص الخواص .

ويقال : هم ثلاثةُ أصناف : قوم يُحْشَرون إلى الجنة مشاةً وهم الذين قال فيهم :

{ وَسِيقَ الَّذِينَ اتَّقَوْاْ رَبَّهُمْ إِلَى الْجَنَّةِ زُمَراً } [ الزمر : 73 ] - وهم عوام المؤمنين وقوم يحشرون إلى الجنة ركبانا على طاعاتهم المصوَّرة لهم بصورة حيوان ، وهم الذين قال فيهم جَلَّ وعلا : { يَوْمَ نَحْشُرُ الْمُتَّقِينَ إلَى الرَّحْمَانِ وَفداً } [ مريم : 85 ]- وهؤلاء هم الخواص وأمَّا خاص الخاص فهم الذين قال عنهم : { وَأُزْلِفَتِ الْجَنَّةُ لِلْمُتَّقَينَ } أي تُقَرَّبُ الجنةُ منهم .

وقوله : { غَيْرَ بَعِيدٍ } : تأكيدٌ لقوله : " وأزلفت " .

ويقال : { غَيْرَ بَعِيدٍ } : من العاصين تطييباً لقلوبهم .