في ظلال القرآن لسيد قطب - سيد قطب [إخفاء]  
{فَأَهۡلَكۡنَآ أَشَدَّ مِنۡهُم بَطۡشٗا وَمَضَىٰ مَثَلُ ٱلۡأَوَّلِينَ} (8)

وإلى جانب هذا التهديد يذكرهم بسنة الله في المكذبين ، بعد إرسال النبيين :

وكم أرسلنا من نبي في الأولين ، وما يأتيهم من نبي إلا كانوا به يستهزئون . فأهلكنا أشد منهم بطشاً ، ومضى مثل الأولين . .

فماذا ينتظرون هم وقد أهلك الله من هم أشد منهم بطشاً ، حينما وقفوا يستهزئون بالرسل كما يستهزئون ?

 
تيسير الكريم المنان في تفسير القرآن لابن سعدي - ابن سعدي [إخفاء]  
{فَأَهۡلَكۡنَآ أَشَدَّ مِنۡهُم بَطۡشٗا وَمَضَىٰ مَثَلُ ٱلۡأَوَّلِينَ} (8)

{ فَأَهْلَكْنَا أَشَدّ } من هؤلاء { بَطْشًا } أي : قوة وأفعالا وآثارا في الأرض ، { وَمَضَى مَثَلُ الْأَوَّلِينَ } أي : مضت أمثالهم وأخبارهم ، وبينا لكم منها ما فيه عبرة ومزدجر عن التكذيب والإنكار .

 
معالم التنزيل في تفسير القرآن الكريم للبغوي - البغوي [إخفاء]  
{فَأَهۡلَكۡنَآ أَشَدَّ مِنۡهُم بَطۡشٗا وَمَضَىٰ مَثَلُ ٱلۡأَوَّلِينَ} (8)

قوله تعالى : { فأهلكنا أشد منهم بطشاً } أي أقوى من قومك ، يعني الأولين الذين أهلكوا بتكذيب الرسل ، { ومضى مثل الأولين } أي صفتهم وسنتهم وعقوبتهم ، فعاقبة هؤلاء كذلك في الإهلاك .

 
الجامع لأحكام القرآن للقرطبي - القرطبي [إخفاء]  
{فَأَهۡلَكۡنَآ أَشَدَّ مِنۡهُم بَطۡشٗا وَمَضَىٰ مَثَلُ ٱلۡأَوَّلِينَ} (8)

" فأهلكنا أشد منهم بطشا " أي قوما أشد منهم قوة . والكناية في " منهم " ترجع إلى المشركين المخاطبين بقوله : " أفنضرب عنكم الذكر صفحا " فكنى عنهم بعد أن خاطبهم . و " أشد " نصب على الحال . وقيل : هو مفعول ، أي فقد أهلكنا أقوى من هؤلاء المشركين في أبدانهم وأتباعهم . " ومضى مثل الأولين " أي عقوبتهم . عن قتادة . وقيل : صفحة الأولين ، فخبرهم بأنهم أهلكوا على كفرهم ، حكاه النقاش والمهدوي . والمثل : الوصف والخبر .

 
التسهيل لعلوم التنزيل، لابن جزي - ابن جزي [إخفاء]  
{فَأَهۡلَكۡنَآ أَشَدَّ مِنۡهُم بَطۡشٗا وَمَضَىٰ مَثَلُ ٱلۡأَوَّلِينَ} (8)

{ أفنضرب عنكم الذكر صفحا } الهمزة للإنكار والمعنى أنمسك عنكم الذكر ونضرب من قولك : أضربت عن كذا إذا تركته والذكر يراد به : القرآن أو التذكير والوعظ وصفحا فيه وجهان : أحدهما : أنه بمعنى : الإعراض ، تقول : صفحت عنه إذا أعرضت عنه فكأنه قال : أنترك تذكيركم إعراضا عنكم ، إعراب { صفحا } على هذا مصدر من المعنى : أو مفعول من أجله أو مصدر في موضع الحال .

والآخر : أن يكون بمعنى العفو والغفران ، فكأنه يقول : أنمسك عنكم الذكر عفوا عنكم وغفرانا لذنوبكم وإعراب صفحا على هذا مفعول من أجله ومصدر في موضع الحال .

{ أن كنتم قوما مسرفين } قرئ بكسر الهمزة على الشرط والجواب في الكلام الذي قبله وقرئ بالفتح على أنه مفعول من أجله .

{ أشد منهم بطشا } الضمير لقريش وهم المخاطبون بقوله : { أن كنتم قوما مسرفين } [ الزخرف : 5 ] ، فإن قيل : كيف قال : أن كنتم على الشرط بحرف أن التي معناها : الشك ومعلوم أنهم كانوا مسرفين ، فالجواب : أن في ذلك إشارة إلى توبيخهم على الإسراف وتجهيلهم في ارتكابه فكأنه شيء لا يقع من عاقل فلذلك وضع حرف التوقع في موضع الواقع .

{ ومضى مثل الأولين } أي : تقدم في القرآن ذكر حال الأولين وكيفية إهلاكهم لما كفروا .

 
نظم الدرر في تناسب الآيات و السور للبقاعي - البقاعي [إخفاء]  
{فَأَهۡلَكۡنَآ أَشَدَّ مِنۡهُم بَطۡشٗا وَمَضَىٰ مَثَلُ ٱلۡأَوَّلِينَ} (8)

ولما كان الاستهزاء برسول الملك استهزاء به ، وكانت المماليك إنما تقام بالسياسة بالرغبة والرهبة وإيقاع الهيبة حتى يتم الجلال وتثبت العظمة ، فكان لذلك لا يجوز في عقل عاقل أن يقر ملك على الاستهزاء به ، سبب عن الاستهزاء بالرسل الهلاك فقال : { فأهلكنا } وكان الأصل الإضمار ، ولكنه أظهر الضمير بياناً لما كان في الأولين من الضخامة صارفاً أسلوب الخطاب إلى الغيبة إقبالاً على نبيه صلى الله عليه وسلم تسلية له وإبلاغاً في وعيدهم فقال : { أشد منهم } أي من قريش الذين يستهزئون بك { بطشاً } من جهة العد والعدد والقوة والجلد فما ظنهم بأنفسهم وهم أضعف منهم إن تمادوا في الاستهزاء برسول الملك الأعلى .

ولما ذكر إهلاك أولئك ذكر أن حالهم عند الإهلاك كان أضعف حال ليعتبر هؤلاء فقال : { ومضى مثل الأولين * } أي وقع إهلاكهم الذي كان مثلاً يتمثل به من بعدهم ، وذكر أيضاً في القرآن الخبر عنه بما حقه أن يشير مشير المثل بل ذكر أن من عبده الأولون واعتمدوا علهي مثل بيت العنكبوت فكيف بالأولين أنفسهم فكيف بهؤلاء ، فإن الحال أدى إلى أنهم أضعف من الأضعف من بيت العنكبوت فلينتظروا أن يحل بهم مثل ما حل بأولئك ، بأيدي جند الله من البشر أو الملائكة .