في ظلال القرآن لسيد قطب - سيد قطب [إخفاء]  
{وَطُورِ سِينِينَ} (2)

ويقسم الله - سبحانه - على هذه الحقيقة بالتين والزيتون ، وطور سينين ، وهذا البلد الأمين ، وهذا القسم على ما عهدنا في كثير من سور هذا الجزء - هو الإطار الذي تعرض فيه تلك الحقيقة . وقد رأينا في السور المماثلة أن الإطار يتناسق مع الحقيقة التي تعرض فيه تناسقا دقيقا .

وطور سينين هو الطور الذي نودي موسى - عليه السلام - من جانبه . والبلد الأمين هو مكة بيت الله الحرام . . وعلاقتهما بأمر الدين والإيمان واضحة . . فأما التين والزيتون فلا يتضح فيهما هذا الظل فيما يبدو لنا .

وقد كثرت الأقوال المأثورة في التين والزيتون . . قيل : إن التين إشارة إلى طور تينا بجوار دمشق .

وقيل : هو إشارة إلى شجرة التين التي راح آدم وزوجه يخصفان من ورقها على سوآتهما في الجنة التي كانا فيها قبل هبوطهما إلى هذه الحياة الدنيا . وقيل : هو منبت التين في الجبل الذي استوت عليه سفينة نوح - عليه السلام .

وقيل في الزيتون : إنه إشارة إلى طور زيتا في بيت المقدس . وقيل : هو إشارة إلى بيت المقدس نفسه . وقيل : هو إشارة إلى غصن الزيتون الذي عادت به الحمامة التي أطلقها نوح عليه السلام - من السفينة - لترتاد حالة الطوفان . فلما عادت ومعها هذا الغصن عرف أن الأرض انكشفت وأنبتت !

وقيل : بل التين والزيتون هما هذان الأكلان الذان نعرفهما بحقيقتهما . وليس هناك رمز لشيء وراءهما . .

أو أنهما هما رمز لمنبتهما من الأرض . . .

وشجرة الزيتون إشير إليها في القرآن في موضع آخر بجوار الطور : فقال : ( وشجرة تخرج من طور سيناء تنبت بالدهن وصبغ للآكلين ) . . كما ورد ذكر الزيتون : ( وزيتونا ونخلا ) . . فأما " التين " فذكره يرد في هذا الموضع لأول مرة وللمرة الوحيدة في القرآن كله .

ومن ثم فإننا لا نملك أن نجزم بشيء في هذا الأمر . وكل ما نملك أن نقوله - اعتمادا على نظائر هذا الإطار في السور القرآنية - : إن الأقرب أن يكون ذكر التين والزيتون إشارة إلى أماكن أو ذكريات ذات علاقة بالدين والإيمان . أو ذات علاقة بنشأة الإنسان في أحسن تقويم [ وربما كان ذلك في الجنة التي بدأ فيها حياته ] . . كي تلتئم هذه الإشارة مع الحقيقة الرئيسية البارزة في السورة ؛ ويتناسق الإطار مع الحقيقة الموضوعة في داخله . على طريقة القرآن . . .

 
تفسير القرآن الكريم لعبد الله شحاته - شحاته [إخفاء]  
{وَطُورِ سِينِينَ} (2)

المفردات :

وطور سينين : جبل المناجاة للكليم موسى عليه السلام ، وسينين وسيناء علمان على الموضع الذي فيه جبل الطور .

التفسير :

2- وطور سينين .

هو الجبل الذي كلّم الله عليه موسى بن عمران عليه السلام ، ويقال له : طور سيناء بفتح السين وكسرها ، وقرئ سينين بفتح السين وسينين بكسر السين ، قيل : هو اسم للبقعة التي بجوار الجبل .

وقال الأخفش : سينين جمع بمعنى شجر ، واحدته سينه أي شجرة ، والقسم به لرفع ذكره ، والتذكير بما كان عند ذلك الجبل من الآيات الباهرات التي ظهرت لموسى وقومه ، وما كان بعد ذلك من سن الشريعة ، الموسوية وإنزال التوراة .

 
معالم التنزيل في تفسير القرآن الكريم للبغوي - البغوي [إخفاء]  
{وَطُورِ سِينِينَ} (2)

{ وطور سينين } يعني الجبل الذي كلم الله عليه موسى عليه السلام ، وذكرنا معناه عند قوله : { وشجرة تخرج من طور سيناء }( المؤمنون- 20 ) .

 
الجامع التاريخي لبيان القرآن الكريم - مركز مبدع [إخفاء]  
{وَطُورِ سِينِينَ} (2)

تفسير مقاتل بن سليمان 150 هـ :

وهو الجبل الذي كلم الله تعالى عليه موسى ، عليه السلام ، يوم أخذ التوراة ...

جامع البيان عن تأويل آي القرآن للطبري 310 هـ :

قوله : "وَطُورِ سِينِينَ" اختلف أهل التأويل في تأويله ؛

فقال بعضهم : هو جبل موسى بن عمران صلوات الله وسلامه عليه ومسجده ...

وقال آخرون : الطّور : هو كلّ جبل يُنْبِتُ . وقوله سِينِينَ : حسن ...

وقال آخرون : هو الجبل ، وقالوا : سينين : مبارك حسن ...

وأولى الأقوال في ذلك بالصواب : قول من قال : طور سينين : جبل معروف ، لأن الطور هو الجبل ذو النبات ، فإضافته إلى سينين تعريف له ، ولو كان نعتا للطور ، كما قال من قال معناه حسن أو مبارك ، لكان الطور منوّنا ، وذلك أن الشيء لا يُضاف إلى نعته ، لغير علة تدعو إلى ذلك .

البحر المحيط لأبي حيان الأندلسي 745 هـ :

ولم يختلف في طور سيناء أنه جبل بالشام ، وهو الذي كلم الله تعالى موسى عليه السلام عليه . ...

تفسير القرآن للمراغي 1371 هـ :

وهو تذكير بما كان عند ذلك الجبل من الآيات الباهرات التي ظهرت لموسى وقومه ، وما كان بعد ذلك من إنزال التوراة عليه ، وظهور نور التوحيد بعد أن تدنست جوانب الأرض بالوثنية ، وما زال الأنبياء بعده يدعون أقوامهم إلى التمسك بهذه الشريعة ، ثم عرضت لها البدع ، فجاء عيسى مخلّصا لها مما أصابها ، ثم أصاب قومه ما أصاب الأمم قبلهم من الاختلاف في الدين ، حتى منّ الله على الناس بعهد النور المحمدي ، وإليه الإشارة بقوله : { وهذا البلد الأمين }...

 
نظم الدرر في تناسب الآيات و السور للبقاعي - البقاعي [إخفاء]  
{وَطُورِ سِينِينَ} (2)

ولما كان مع ذلك مشاراً بهما إلى مواضع نباتهما وهي الأرض المقدسة من جميع بلاد الشام إيماء إلى من كان بها من الأنبياء والتابعين لهم بإحسان لا سيما إبراهيم عليه الصلاة والسلام الذي كانت مهاجره ، فأحياها الله تعالى بعبادته وتردد الملائكة إليه بالوحي ، ومن بعده أولاده الذين طهرها الله بهم من الشرك ، وأنارها بهم بالتوحيد ، وختمهم بعيسى عليه الصلاة والسلام أحد أولي العزم المشرف بكونه من أمة محمد صلى الله عليه وسلم وعلى نبينا أفضل الصلاة والسلام ، وكانت الكناية بالشجرتين عن البلد المراد به سكانه أبلغ من التصريح بالمراد من أول وهلة ، ساقه على هذا المنهج العزيز ، ولم يبق ممن لم يسكنها من أشرافهم إلا موسى وهارون وإسماعيل ومحمد عليهم الصلاة والسلام ، فأشار إلى الأولين بقوله معبراً بما يدل على أحسن التقويم لأن الطور الجبل ذو النبت من النجم والشجر المثمر وغيره : { وطور } أي جبل المكان المسمى بهذا الاسم .

ولما كان الكلام في التقويم ، كان المناسب له صورة جمع السلامة فقال تعالى : { سينين * } أي وما كان بالجبل ذي النبت الحسن الذي كلم الله فيه موسى عليه الصلاة والسلام من لذيذ المناجاة وعجائب المواعدة ، وحكم الكلام مع أن فيه من الأشجار والأماكن ما يكنّ من الحر والبرد ، وفيه لخلوه وحسنه وعلوه جمع الخاطر للمتفرد وطمأنينة النفس للتخلي للعبادة والتحصن مما يخشى لعلوه وصعوبته ، وفيه ما يصلح للزرع من غير كلفة ، وفيه ما يأكله الناس والدواب مع الماء العذب والفناء الرحب والمنظر الأنيق ، وسنين وسيناء - اسم للموضع الذي هذا الجبل به .