الدر المنثور في التفسير بالمأثور للسيوطي - السيوطي  
{وَطُورِ سِينِينَ} (2)

/خ1

وأخرج ابن جرير وابن أبي حاتم وابن مردويه عن ابن عباس في قوله : { والتين } قال : مسجد نوح الذي بني بأعلى الجودي { والزيتون } قال : بيت المقدس { وطور سينين } قال : مسجد الطور { وهذا البلد الأمين } قال : مكة { لقد خلقنا الإِنسان في أحسن تقويم ثم رددناه أسفل سافلين } يقول : يرد إلى أرذل العمر ، كبر حتى ذهب عقله ، هم نفر كانوا على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم فسئل رسول الله صلى الله عليه وسلم حين تسفهت عقولهم ، فأنزل الله عذرهم أن لهم أجرهم الذي عملوا قبل أن تذهب عقولهم { فما يكذبك بعد بالدين } يقول : بحكم الله .

وأخرج ابن مردويه عن ابن عباس في قوله : { والتين والزيتون } قال : هما المسجدان مسجد الحرام ومسجد الأقصى ، حيث أسري بالنبي صلى الله عليه وسلم { وطور سينين } الجبل الذي صعده موسى { وهذا البلد الأمين } مكة { لقد خلقنا الإِنسان في أحسن تقويم } قال : في انتصاب لم يخلق منكبّاً على وجهه { ثم رددناه أسفل سافلين } قال : أرذل العمر .

وأخرج عبد الرزاق وعبد بن حميد وابن جرير وابن أبي حاتم وابن عساكر عن قتادة في قوله : { والتين } قال : التين الجبل الذي عليه دمشق { والزيتون } الذي عليه بيت المقدس { وطور سينين } قال : جبل بالشام مبارك حسن ذو شجر { وهذا البلد الأمين } قال : مكة { لقد خلقنا الإِنسان في أحسن تقويم } قال : وقع القسم ههنا { ثم رددناه أسفل سافلين } قال : جهنم { فما يكذبك بعد بالدين } يقول : استيقن فقد جاءك من الله البيان .

وأخرج عبد بن حميد عن أبي عبدالله قال : { التين } مسجد دمشق { والزيتون } بيت المقدس { وطور سينين } جبل موسى { وهذا البلد الأمين } البلد الحرام .

وأخرج عبد بن حميد وابن أبي حاتم عن محمد بن كعب قال : { التين } مسجد أصحاب الكهف { والزيتون } مسجد إيليا { وطور سينين } مسجد الطور { وهذا البلد الأمين } مكة .

وأخرج عبد بن حميد عن الضحاك { والتين والزيتون } مسجدان بالشام { وطور سينين } قال : الطور الجبل وسينين الحسن .

وأخرج ابن الضريس وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم وابن عساكر عن كعب الأحبار في قوله : { والتين } الآية ، قال : { التين } دمشق { والزيتون } بيت المقدس { وطور سينين } الذي كلم الله عليه موسى عليه السلام { والبلد الأمين } مكة .

وأخرج سعيد بن منصور عن أبي حبيب الحارث بن محمد قال : أربعة جبال مقدسة بين يدي الله تعالى : طور زيتا وطور سينا وطور تينا وطور تيما . وهو قول الله : { والتين والزيتون وطور سينين وهذا البلد الأمين } فأما طور زيتا فبيت المقدس ، وأما طور سينا فالطور ، وأما طور تينا فدمشق ، وأما طور تيما فمكة .

وأخرج ابن المنذر عن زيد بن ميسرة مثله . وفيه وطور سينا حيث كلم الله موسى .

وأخرج ابن عساكر عن الحكم { والتين } دمشق { والزيتون } فلسطين { وهذا البلد الأمين } مكة .

وأخرج ابن أبي حاتم والحاكم وصححه عن ابن عباس { والتين والزيتون } قال : الفاكهة التي يأكلها الناس { وطور سينين } قال : الطور الجبل وسينين المبارك .

وأخرج الفريابي وعبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عن مجاهد { والتين والزيتون } قال : الفاكهة التي يأكل الناس { وطور سينين } قال : الطور الجبل وسينين المبارك { وهذا البلد الأمين } قال : مكة { لقد خلقنا الإِنسان في أحسن تقويم } قال : في أحسن صورة { ثم رددناه أسفل سافلين } قال : في النار { إلا الذين آمنوا وعملوا الصالحات } قال : إلا من آمن { فلهم أجر غير ممنون } قال : غير محسوب .

وأخرج عبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عن عكرمة في قوله : { وطور سينين } قال : هو الحسن .

وأخرج عبد بن حميد وابن المنذر وابن أبي حاتم عن ابن عباس رضي الله عنهما قال : { سينين } هو الحسن بلسان الحبشة .

وأخرج عبد بن حميد عن الربيع في قوله : { والتين والزيتون وطور سينين } قال : الجبل الذي عليه التين والزيتون .

وأخرج ابن مردويه عن جابر بن عبدالله أن خزيمة بن ثابت ، وليس بالأنصاري سأل النبي صلى الله عليه وسلم عن البلد الأمين فقال : «مكة » .

وأخرج عبد بن حميد وابن الأنباري في المصاحف عن عمرو بن ميمون قال : صليت خلف عمر بن الخطاب المغرب فقرأ في الركعة الأولى : والتين والزيتون وطور سينا » قال : وهكذا هي قراءة عبدالله وقرأ في الركعة الثانية { ألم تر كيف فعل ربك بأصحاب الفيل } [ الفيل : 1 ] { ولئلاف قريش } [ قريش : 1 ] جمع بينهما ، ورفع صوته ، فقدرت أنه رفع صوته تعظيماً للبيت .

وأخرج سعيد بن منصور وابن جرير وعبد بن حميد وابن المنذر وابن أبي حاتم وابن مردويه عن ابن عباس { لقد خلقنا الإِنسان في أحسن تقويم } قال : في أعدل خلق { ثم رددناه أسفل سافلين } يقول : إلى أرذل العمر { إلا الذين آمنوا وعملوا الصالحات فلهم أجر غير ممنون } غير منقوص يقول : فإذا بلغ المؤمن أرذل العمر ، وكان يعمل في شبابه عملاً صالحاً كتب الله له من الأجر مثل ما كان يعمل في صحته وشبابه ، ولم يضره ما عمل في كبره ، ولم يكتب عليه الخطايا التي يعمل بعد ما يبلغ أرذل العمر .

وأخرج ابن جرير عن ابن عباس { لقد خلقنا الإِنسان في أحسن تقويم } قال : خلق كل شيء منكباً على وجهه إلا الإِنسان { ثم رددناه أسفل سافلين } إلى أرذل العمر { إلا الذين آمنوا وعملوا الصالحات } الآية ، قال : فأيما رجل كان يعمل عملاً صالحاً وهو قويّ شاب فعجز عنه جرى له أجر ذلك العمل حتى يموت .

وأخرج عبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عن عكرمة { والتين } قال : هو هذا التين { والزيتون } قال : هو هذا الزيتون { وطور سينين } قال : الطور الجبل وسينين هو الحسن بالحبشة { وهذا البلد الأمين } قال : مكة { لقد خلقنا الإِنسان في أحسن تقويم } قال : شباب وشدة { ثم رددناه أسفل سافلين } قال : رد إلى أرذل العمر { إلا الذين آمنوا وعملوا الصالحات فلهم أجر غير ممنون } قال : يوفيه الله أجره وعمله فلا يؤاخذه إذا رد إلى أرذل العمر ، وفي لفظ ، قال : من رد منهم إلى أرذل العمر جرى له من الأجر مثل ما كان يعمل في صحته وشبابه ، فذلك الأجر غير ممنون ، قال : ولا يمن به عليهم .

وأخرج عبد بن حميد عن الحسن { والتين والزيتون } قال : تينكم هذا الذي تأكلون وزيتونكم هذا الذي تعصرون { لقد خلقنا الإِنسان في أحسن تقويم } قال : في أحسن صورة { ثم رددناه أسفل سافلين } قال : في نار جهنم .

وأخرج عبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عن أبي العالية في قوله : { لقد خلقنا الإِنسان في أحسن تقويم } يقول : في أحسن صورة { ثم رددناه أسفل سافلين } قال : في النار في شر صورة .

وأخرج الفريابي وعبد بن حميد عن إبراهيم { قد خلقنا الإِنسان في أحسن تقويم } قال : في أحسن صورة { ثم رددناه أسفل سافلين } قال : إلى أرذل العمر ، فإذا بلغوا ذلك كتب لهم من العمل مثل ما كانوا يعملون في الصحة .