في ظلال القرآن لسيد قطب - سيد قطب [إخفاء]  
{كَلَّآ إِنَّ كِتَٰبَ ٱلۡأَبۡرَارِ لَفِي عِلِّيِّينَ} (18)

ثم يعرض الصفحة الأخرى . صفحة الأبرار . على العهد بطريقة القرآن في عرض الصفحتين متقابلتين في الغالب ، لتتم المقابلة بين حقيقتين وحالين ونهايتين :

( كلا ! إن كتاب الأبرار لفي عليين . وما أدراك ما عليون ? كتاب مرقوم ، يشهده المقربون . إن الأبرار لفي نعيم ، على الأرائك ينظرون ، تعرف في وجوههم نضرة النعيم ، يسقون من رحيق مختوم ، ختامه مسك . وفي ذلك فليتنافس المتنافسون . ومزاجه من تسنيم . عينا يشرب بها المقربون ) . .

وكلمة( كلا )تجيء في صدر هذا المقطع زجرا عما ذكر قبله من التكذيب في قوله : ( ثم يقال : هذا الذي كنتم به تكذبون ) . . ويعقب عليه بقوله : ( كلا )ثم يبدأ الحديث عن الأبرار في حزم وفي توكيد .

فإذا كان كتاب الفجار في( سجين )فإن كتاب الأبرار في( عليين ) . . . والأبرار هم الطائعون الفاعلون كل خير . وهم يقابلون الفجار العصاة المتجاوزين لكل حد . .

ولفظ( عليين )يوحي بالعلو والارتفاع مما قد يؤخذ منه أن( سجين )يفيد الانحطاط والسفول .

 
تفسير القرآن الكريم لعبد الله شحاته - شحاته [إخفاء]  
{كَلَّآ إِنَّ كِتَٰبَ ٱلۡأَبۡرَارِ لَفِي عِلِّيِّينَ} (18)

كتاب الأبرار في أعلى الجنة

{ كلاّ إن كتاب الأبرار لفي علّيّين 18 وما أدراك ما علّيّون 19 كتاب مرقوم 20 يشهده المقرّبون 21 إن الأبرار لفي نعيم 22 على الأرائك ينظرون 23 تعرف في وجوههم نضرة النعيم 24 يسقون من رحيق مختوم 25 ختامه مسك وفي ذلك فليتنافس المتنافسون 26 ومزاجه من تسنيم 27 عينا يشرب بها المقرّبون 28 }

المفردات :

كتاب الأبرار : ما يكتب من أعمالهم .

لفي عليين : لمثبت في ديوان الخير أو مكان عال في الجنة .

التفسير :

18- كلاّ إن كتاب الأبرار لفي علّيّين .

كلاّ . ردع وزجر للمطففين والمكذبين بيوم الدين .

إن كتاب الأبرار . أي : صحيفة عمل المتقين في مكان مرتفع في الجنة ، تكريما لهذا الكتاب وتعظيما لأهله ، في مقابل وضع كتاب الفجار في مكان مظلم ضيق كأنه سجن أو سجين ، إهانة لأهله وتذكيرا بعقابهم .

 
معالم التنزيل في تفسير القرآن الكريم للبغوي - البغوي [إخفاء]  
{كَلَّآ إِنَّ كِتَٰبَ ٱلۡأَبۡرَارِ لَفِي عِلِّيِّينَ} (18)

{ كلا } قال مقاتل : لا يؤمن بالعذاب الذي يصلاه . ثم بين محل كتاب الأبرار فقال : { إن كتاب الأبرار لفي عليين } روينا عن البراء مرفوعاً : " إن عليين في السماء السابعة تحت العرش " . وقال ابن عباس : هو لوح من زبرجدة خضراء معلق تحت العرش أعمالهم مكتوبة فيه . وقال كعب ، وقتادة : هو قائمة العرش اليمنى . وقال عطاء عن ابن عباس : هو الجنة . وقال الضحاك : سدرة المنتهى . وقال بعض أهل المعاني : علو بعد علو وشرف بعد شرف ، ولذلك جمعت بالياء والنون . وقال الفراء : هو اسم موضوع على صيغة الجمع ، لا واحد له من لفظه ، مثل عشرين وثلاثين .

 
الوجيز في تفسير الكتاب العزيز للواحدي - الواحدي [إخفاء]  
{كَلَّآ إِنَّ كِتَٰبَ ٱلۡأَبۡرَارِ لَفِي عِلِّيِّينَ} (18)

{ كلا إن كتاب الأبرار لفي عليين } في السماء السابعة تحت العرش

 
نظم الدرر في تناسب الآيات و السور للبقاعي - البقاعي [إخفاء]  
{كَلَّآ إِنَّ كِتَٰبَ ٱلۡأَبۡرَارِ لَفِي عِلِّيِّينَ} (18)

ولما كان هذا ربما أفهم أنهم يرون جميع عذابهم إذ ذاك ، نفاه بقوله : { كلا } أي ليس هو المجموع بل هو فرد{[72223]} من الجنس فلهذا عمل عليه الجنس وهو نزلهم والأمر أطم وأعظم من أن يحيط به الوصف . ولما ذكر ما للمكذبين من العذاب الذي جره{[72224]} إليهم إقبالهم على الدنيا بادئاً به لأن المقام من أول السورة للوعيد وصوادع التهديد ، أتبعه ما للمصدقين الذين أقبل بهم إلى السعادة ترك الحظوظ وإعراضهم عن عاجل شهوات الدنيا ، فقال مؤكداً لأجل تكذيبهم : { إن كتاب الأبرار } أي صحيفة حسنات الذين هم في غاية الاتساع في شرح صدورهم ، واتساع عقولهم وكثرة أعمالهم {[72225]}وزكائها{[72226]} وغير ذلك من محاسن أمورهم { لفي علييّن * } أي أماكن منسوبة إلى العلو ، وقع النسب أولاً إلى فعليّ ثم جمع وإن كان-{[72227]} لا واحد له من لفظه كعشرين وأخواته ، قال الكسائي : إذا جمعت العرب ما لا يذهبون فيه إلى أن له بناء من واحد واثنين فإنهم يجمعون بالواو والنون في المذكر والمؤنث - انتهى ، فهي درجات متصاعدة تصعد إلى الله ولا تحجب عنه كما يحجب ما للأشقياء بعضها{[72228]} فوق بعض-{[72229]} إلى ما لا نهاية له بحسب رتب الأعمال ، وكل من كان كتابه من الأبرار في مكان لحق به كما أن من كان كتابه من الفجار{[72230]} في سجين لحق به ، قال الرازي في اللوامع : من ترقى علمه عن الحواس والأوهام وفعله عن مقتضى الشهوة{[72231]} والغضب فهو حقيق بأن يكون عليّاً ، ومن كان علمه وإدراكه مقصوراً على الحواس والخيال والأوهام وفعله على مقتضى الشهوات البهيمية فهو حقيق بأن يكون في سجين .


[72223]:من ظ و م، وفي الأصل: مفرد.
[72224]:من ظ و م، وفي الأصل: جل.
[72225]:من ظ و م، وفي الأصل: ذكاء عقولهم إلى.
[72226]:من ظ و م، وفي الأصل: ذكاء عقولهم إلى.
[72227]:زيد من ظ و م.
[72228]:من م، وفي الأصل و ظ: بعض.
[72229]:زيد من ظ و م.
[72230]:من ظ، وفي الأصل و م: الكفار.
[72231]:زيد في الأصل: البهيمية فهو، ولم تكن الزيادة في ظ و م فحذفناها.