في ظلال القرآن لسيد قطب - سيد قطب [إخفاء]  
{وَتَكُونُ ٱلۡجِبَالُ كَٱلۡعِهۡنِ} (9)

( يوم تكون السماء كالمهل ، وتكون الجبال كالعهن ) . .

والمهل ذوب المعادن الكدر كدردي الزيت . والعهن هو الصوف المنتفش . والقرآن يقرر في مواضع مختلفة أن أحداثا كونية كبرى ستقع في هذا اليوم ، تغير أوضاع الأجرام الكونية وصفاتها ونسبها وروابطها . ومن هذه الأحداث أن تكون السماء كالمعادن المذابة . وهذه النصوص جديرة بأن يتأملها المشتغلون بالعلوم الطبيعية والفلكية . فمن المرجح عندهم أن الأجرام السماوية مؤلفة من معادن منصهرة إلى الدرجة الغازية - وهي بعد درجة الانصهار والسيولة بمراحل - فلعلها في يوم القيامة ستنطفئ كما قال : ( وإذا النجوم انكدرت )وستبرد حتى تصير معادن سائلة ! وبهذا تتغير طبيعتها الحالية وهي الطبيعة الغازية !

على أية حال هذا مجرد احتمال ينفع الباحثين في هذه العلوم أن يتدبروه . أما نحن فنقف أمام هذا النص نتملى ذلك المشهد المرهوب ، الذي تكون فيه السماء كذوب المعادن الكدر ، وتكون فيه الجبال كالصوف الواهن المنتفش . ونتملى ما وراء هذا المشهد من الهول المذهل الذي ينطبع في النفوس ، فيعبر عنه القرآن أعمق تعبير :

 
تفسير القرآن الكريم لعبد الله شحاته - شحاته [إخفاء]  
{وَتَكُونُ ٱلۡجِبَالُ كَٱلۡعِهۡنِ} (9)

1

المفردات :

المهل : دردى الزيت ، وهو ما يكون في قعر الإناء منه ، أي كعكر الزيت .

العهن : الصوف المصبوغ ألوانا .

التفسير :

8 ، 9- يوم تكون السماء كالمهل* وتكون الجبال كالعهن .

نفقد السماء تماسكها ، وتنشقّ وتتشقق يوم القيامة ، وربما رجعت إلى حالتها الغازية الأولى .

قال تعالى : ويوم تشقّق السماء بالغمام ونزّل الملائكة تنزيلا* الملك يومئذ الحق للرحمان وكان يوما على الكافرين عسيرا . ( الفرقان : 25 ، 26 ) .

والمهل دردى الزيت ، أو الزيت العكر ، ولون السماء الآن يميل إلى الخضرة ، فيتغيّر لونها ويشبه ما أذيب من النحاس والرصاص والفضة ، ويتحوّل لونها من الخضرة إلى الحمرة .

وتكون الجبال كالعهن .

تكون الجبال متناثرة متطايرة في الجوّ ، تشبه الصوف المنفوش .

وعن الحسن : تسيّر الجبال مع الرياح ، ثم تنهدّ ، ثم تصير كالعهن ، ثم تنسف فتصير هباء .

وقال الزمخشري في تفسير الكشاف :

المراد بالعهن المنفوش : الصوف المصبوغ ألوانا ، لأن الجبال جدد بيض وحمر مختلف ألوانها ، وعرابيب سود ، فإذا بسّت وطيّرت في الجوّ أشبهت العهن المنفوش إذا طيرته الريح .

 
التسهيل لعلوم التنزيل، لابن جزي - ابن جزي [إخفاء]  
{وَتَكُونُ ٱلۡجِبَالُ كَٱلۡعِهۡنِ} (9)

{ وتكون الجبال كالعهن } العهن هو الصوف شبه الجبال به في انتفاشه وتخلخل أجزائه وقيل : هو الصوف المصبوغ ألوانا فيكون التشبيه في الانتفاش وفي اختلاف الألوان لأن الجبال منها بيض وسود وحمر .

 
نظم الدرر في تناسب الآيات و السور للبقاعي - البقاعي [إخفاء]  
{وَتَكُونُ ٱلۡجِبَالُ كَٱلۡعِهۡنِ} (9)

{ وتكون الجبال } التي هي أشد الأرض وأثقل ما فيها { كالعهن * } أي الصوف المصبوغ ألواناً المنقوش ، تطيره الريح كالهباء ، وذلك لأن الجبال في أصلها متلونة كما قال تعالى{ ومن الجبال جدد بيض وحمر }[ فاطر : 27 ] الآية ، قال البغوي{[68307]} : ولا يقال عهن إلا للمصبوغ ، قال : وأول ما تتغير الجبال تصير رملاً مهيلاً ثم عهناً منفوشاً ثم هباء{[68308]} منثوراً - انتهى .


[68307]:-راجع المعالم 7/ 125.
[68308]:- زيد من ظ وم والمعالم.