في ظلال القرآن لسيد قطب - سيد قطب [إخفاء]  
{ٱلَّذِي هُمۡ فِيهِ مُخۡتَلِفُونَ} (3)

( عن النبأ العظيم ، الذي هم فيه مختلفون ) . . ولم يحدد ما يتساءلون عنه بلفظه ، إنما ذكره بوصفه . . النبأ العظيم . . استطرادا في أسلوب التعجيب والتضخيم . . وكان الخلاف على اليوم بين الذين آمنوا به والذين كفروا بوقوعه . أما التساؤل فكان من هؤلاء وحدهم .

 
تفسير القرآن الكريم لعبد الله شحاته - شحاته [إخفاء]  
{ٱلَّذِي هُمۡ فِيهِ مُخۡتَلِفُونَ} (3)

الإخبار عن البعث وأدلة إثباته

بسم الله الرحمان الرحيم

{ عمّ يتساءلون 1 عن النّبأ العظيم 2 الذي هم فيه مختلفون 3 كلاّ سيعلمون 4 ثم كلاّ سيعلمون 5 ألم نجعل الأرض مهادا 6 والجبال أوتادا 7 وخلقناكم أزواجا 8 وجعلنا نومكم سباتا 9 وجعلنا الليل لباسا 10 وجعلنا النهار معاشا 11 وبنينا فوقكم سبعا شدادا 12 وجعلنا سراجا وهّاجا 13 وأنزلنا من المعصرات ماء ثجّاجا 14 لنخرج به حبّا ونباتا 15 وجنّات ألفافا 16 }

المفردات :

عمّ : عن أي شيء عظيم الشأن .

عن النبأ العظيم : عن القرآن أو البعث .

سبب النزول :

أخرج ابن جرير ، وابن أبي حاتم ، عن السحن البصري قال : لما بعث النبي صلى الله عليه وسلم جعلوا يتساءلون بينهم ، فنزلت : عمّ يتساءلون* عن النّبأ العظيم .

التفسير :

1 ، 2 ، 3- عمّ يتساءلون* عن النّبأ العظيم* الذي هم فيه مختلفون .

عن أيّ شيء يتساءل هؤلاء الناس ؟ إنهم يتساءلون عن الأمر العظيم الذي جاءهم ، وهو رسالة محمد صلى الله عليه وسلم ، فمنهم من يصدّقه ، ومنهم من يقول : هو شاعر ، ومنهم من يقول : هو كاهن ، ومنهم من يقول : هو مفتر متقوّل على الله وليس برسول ، أو هم يتساءلون عن القرآن سؤال متعجب من سمو لفظه ، وبراعة تعبيره ، وقوة معانيه ، منهم من يصفه بالسّحر أو الشعر أو الكهانة ، أو هم يتساءلون عن البعث والحشر والحساب والجزاء والقيامة وما يتصل بها ، فمنهم من يظن ظنّا ، ومنهم من ينكر ، ومنهم من يستبعد وقوع البعث ، ومنهم من يقول : البعث للأرواح فقد أمّا الأجساد فتبلى وتصير رمادا ، ومن العسير بعث الحياة في الأجساد بعد تفتتها وبلاها .

وتفيد الآيات أن دويّا عظيما ونبأ جسيما وفكرا هامّا ، قد شغل مكة كلّها ، فهذا القرآن الكريم ، أو هذا النبي محمد صلى الله عليه وسلم ودعوته إلى الإسلام ، أو أمر البعث وما بعده ، إنه أمر عظيم شغل هؤلاء الناس ، واختلفوا بشأنه .

ويجوز أن يكون المراد بالنبأ العظيم كل ما ذكر ، أي : القرآن ، والإسلام ، ومحمد صلى الله عليه وسلم ، والبعث ، فكلها مما حملته رسالة محمد صلى الله عليه وسلم ، واختلف أهل مكة بشأن هذه الرسالة اختلافا بيّنا ، فقد كان منهم من يرفض الإيمان بالبعث ، ويقول : ما هي إلا أرحام تدفع ، وقبور تبلع ، وما يهلكنا إلا الدهر .

وقد حكة القرآن قول المكذّبين برسولهم في قوله تعالى : أيعدكم أنكم إذا متّم وكنتم ترابا وعظاما أنكم مخرجون* هيهات هيهات لما توعدون* إن هي إلا حياتنا الدنيا نموت ونحيا وما نحن بمبعوثين . ( المؤمنون : 35-37 ) .

وكان من الكفار من يشك أو يظن صدق البعث بدون تيقن أو تأكّد .

قال تعالى : وإذا قيل إنوعد الله حق والساعة لا ريب فيها قلتم ما ندري ما الساعة إن نظن إلا ظنّا وما نحن بمستيقنين . ( الجاثية : 32 ) .

 
صفوة البيان لحسين مخلوف - حسنين مخلوف [إخفاء]  
{ٱلَّذِي هُمۡ فِيهِ مُخۡتَلِفُونَ} (3)

{ الذي هم فيه مختلفون } أي الذي هم عريقون في الاختلاف فيه ؛ فمنهم الجازم باستحالته ، ومنهم الشاك فيه . وجميعهم ينكرون الرسالة ، ويكذبون الرسول ، ويجحدون القرآن مكابرة وعنادا ؛ وإلا فآيات صدقه ، وتواتر معجزاته التي أعظمها وأبينها القرآن المبين – كافية في تصديقه ! ودلائل قدرة الله تعالى على البعث في اليوم الآخر – ناطقة بإمكانه لمن عقل وتبصر !

 
تيسير التفسير لإبراهيم القطان - إبراهيم القطان [إخفاء]  
{ٱلَّذِي هُمۡ فِيهِ مُخۡتَلِفُونَ} (3)

الذي اختلفوا فيه ، بعضهم ينكره ، وبعضهم يتردد في صحته . إنهم لم يسمعوا به من قبل ، لذلك استغربوا خبرَ البعث والحياة بعد الموت . وقالوا : هذا مستحيل ، { وَقَالُواْ مَا هِيَ إِلاَّ حَيَاتُنَا الدنيا نَمُوتُ وَنَحْيَا وَمَا يُهْلِكُنَآ إِلاَّ الدهر } [ الجاثية : 24 ] ؟

 
تيسير الكريم المنان في تفسير القرآن لابن سعدي - ابن سعدي [إخفاء]  
{ٱلَّذِي هُمۡ فِيهِ مُخۡتَلِفُونَ} (3)

الذي طال فيه نزاعهم ، وانتشر فيه خلافهم على وجه التكذيب والاستبعاد ، وهو النبأ الذي لا يقبل الشك ولا يدخله الريب ، ولكن المكذبون بلقاء ربهم لا يؤمنون ، ولو جاءتهم كل آية حتى يروا العذاب الأليم . ولهذا قال : { كَلَّا سَيَعْلَمُونَ

 
الجامع التاريخي لبيان القرآن الكريم - مركز مبدع [إخفاء]  
{ٱلَّذِي هُمۡ فِيهِ مُخۡتَلِفُونَ} (3)

تفسير مقاتل بن سليمان 150 هـ :

يقول: لم يسألون عن القرآن وهم يخالفونه، ولا يؤمنون به؟ فصدق بعضهم به، وكفر بعضهم به، فاختلفوا فيه،...

النكت و العيون للماوردي 450 هـ :

هو البعث، فأما الموت فلم يختلفوا فيه، وفيه قولان: أحدهما: أنه اختلف فيه المشركون من بين مصدق منهم ومكذب، قاله قتادة. الثاني: اختلف فيه المسلمون والمشركون، فصدّق به المسلمون وكذّب به المشركون، قاله يحيى بن سلام...

نظم الدرر في تناسب الآيات و السور للبقاعي 885 هـ :

وعظم توبيخهم بقوله: {الذي هم} أي بضمائرهم مع ادعائهم أنها أقوم الضمائر {فيه مختلفون} أي شديد اختلافهم وثباتهم فبعضهم صدق وبعضهم كذب، والمكذبون بعضهم شك وبعضهم جزم وقال بعضهم: شاعر، وبعضهم: ساحر -إلى غير ذلك من الأباطيل-، وذلك الأمر هو أمر النبي صلى الله عليه وسلم الذي أهمه البعث بعد الموت اشتد التباسه عليهم وكثرت مراجعتهم فيه ومساءلتهم عنه مع عظمه وعظم ظهوره، والعظيم لا ينبغي الاختلاف فيه بوجه، فإن ذا المروءة لا ينبغي له أن يدخل في أمر إلا وهو على بصيرة فكيف به إذا كان عظيماً فكيف به إذا تناهى عظمه فكيف به إذا كان أهم ما يهمه فإنه يتعين عليه أن يبحث عنه غاية البحث ويطلب فيه الأدلة ويفحص عن البراهين ويستوضح الحجج حتى يصير من أمره بعد علم اليقين إلى عين اليقين من حين يبلغ مبلغ الرجال إلى أن يموت فكيف إذا كان بحيث تتلى عليهم الأدلة وتجلى لديه قواطع الحجج وتجلب إليه البينات وهو يكابر فيه ويماري، ويعاند ويداري...

التحرير والتنوير لابن عاشور 1393 هـ :

وجيء بالجملة الإسمية في صلة الموصول دون أن يقول: الذي يَختلفون فيه أو نحو ذلك، لتفيد الجملة الإسمية أن الاختلاف في أمر هذا النبأ متمكن منهم ودائم فيهم لدلالة الجملة الإسمية على الدوام والثبات.

 
نظم الدرر في تناسب الآيات و السور للبقاعي - البقاعي [إخفاء]  
{ٱلَّذِي هُمۡ فِيهِ مُخۡتَلِفُونَ} (3)

وعظم توبيخهم بقوله : { الذي هم } أي بضمائرهم مع ادعائهم أنها أقوم الضمائر { فيه مختلفون * } أي شديد {[71041]}اختلافهم وثباتهم{[71042]} فبعضهم صدق وبعضهم كذب ، والمكذبون بعضهم شك وبعضهم جزم وقال بعضهم : شاعر ، وبعضهم : ساحر - إلى غير ذلك من الأباطيل-{[71043]} ، وذلك الأمر هو أمر النبي صلى الله عليه وسلم الذي أهمه البعث بعد الموت اشتد التباسه عليهم وكثرت{[71044]} مراجعتهم فيه ومساءلتهم عنه مع{[71045]} عظمه وعظم ظهوره ، والعظيم لا ينبغي الاختلاف فيه بوجه ، فإن ذا المروءة لا ينبغي له أن يدخل في أمر إلا وهو على بصيرة فكيف به إذا كان عظيماً فكيف به إذا تناهى عظمه فكيف به إذا كان أهم ما يهمه فإنه يتعين عليه أن يبحث عنه غاية البحث ويطلب فيه الأدلة ويفحص عن البراهين ويستوضح الحجج حتى يصير من أمره بعد {[71046]}علم اليقين{[71047]} إلى عين اليقين من حين يبلغ مبلغ الرجال إلى أن يموت فكيف إذا كان بحيث تتلى عليهم الأدلة وتجلى لديه قواطع الحجج وتجلب{[71048]} إليه البينات وهو يكابر فيه ويماري{[71049]} ، ويعاند ويداري .

قال الإمام أبو جعفر بن الزبير : سورة النبأ أما مطلقها فمرتب {[71050]}على تساؤل{[71051]} واستفهام وقع{[71052]} منهم وكأنه وارد هنا في معرض العدول والالتفات ، وأما قوله : { كلا سيعلمون ثم كلا سيعلمون } [ النبأ : 4 - 5 ] فمناسب للوعيد المتكرر في قوله :{ ويل يومئذ للمكذبين }[ المرسلات : 19 ] وكأن قد قيل : سيعلمون عاقبة تكذيبهم ، ثم أورد تعالى من جميل صنعه وما{[71053]} إذا اعتبره المعتبر علم أنه لم يخلق {[71054]}شيء منه{[71055]} عبثاً بل يعتبر به ويستوضح وجه الحكمة فيه ، فعلم أنه لا بد من وقت ينكشف فيه الغطاء ويجازي الخلائق على نسبة من أحوالهم في الاعتبار والتدبر{[71056]} والخضوع لمن نصب مجموع تلك الدلائل ، ويستشعر من تكرار الفصول وتجدد الحالات وإحياء الأرض بعد موتها ، جرى ذلك في البعث واطراد الحكم ، وإليه الإشارة بقوله : كذلك نخرج الموتى }[ الأعراف : 57 ] وقال تعالى منبهاً على ما ذكرناه { ألم نجعل الأرض مهاداً } [ النبأ : 6 ] إلى قوله :{ وجنات ألفافاً }[ النبأ : 16 ] فهذه المصنوعات المقصود بها الاعتبار كما قدم ، ثم{[71057]} قال تعالى :{ إن يوم الفصل كان ميقاتاً }[ النبأ : 17 ] أي موعداً لجزائكم لو اعتبرتم بما ذكر لكم لعلمتم منه وقوعه وكونه ليقع جزاؤكم على ما سلف منكم " فويل يومئذ للمكذبين " ويشهد لهذا القصد مما بعد{[71058]} من الآيات قوله تعالى لما ذكر ما أعد للطاغين :{ إنهم كانوا لا يرجون حساباً وكذبوا بآياتنا كذاباً وكل شيء أحصيناه كتاباً }[ النبأ : 27 - 29 ] ثم قال بعد :{ إن للمتقين مفازاً حدائق وأعناباً }[ النبأ : 31 - 32 ] وقوله بعد : { ذلك اليوم الحق } وأما الحياة الدنيا فلعب ولهو وإن الدار الآخرة لهي الحيوان ، وقوله بعد :{ يوم ينظر المرء ما قدمت يداه ويقول الكافر يا ليتني كنت تراباً }[ النبأ : 40 ] انتهى .


[71041]:من ظ و م، وفي الأصل: ثباتهم واختلافهم.
[71042]:من ظ و م، وفي الأصل: ثباتهم واختلافهم.
[71043]:زيد من ظ و م.
[71044]:من ظ و م، وفي الأصل: كثرة.
[71045]:من ظ و م، وفي الأصل: في.
[71046]:تكرر ما بين الرقمين في الأصل فقط.
[71047]:تكرر ما بين الرقمين في الأصل فقط.
[71048]:من ظ و م، وفي الأصل: تجلت.
[71049]:من ظ و م، وفي الأصل: يمادى.
[71050]:من ظ و م، وفي الأصل: التساؤل.
[71051]:من ظ و م، وفي الأصل:التساؤل.
[71052]:من ظ و م، وفي الأصل: واقع.
[71053]:من ظ و م، وفي الأصل: أما.
[71054]:من ظ و م، وفي الأصل: منه شيء.
[71055]:من ظ و م، وفي الأصل: منه شيء.
[71056]:من ظ و م، وفي الأصل: التدبير.
[71057]:من ظ و م، وفي الأصل "و".
[71058]:من ظ و م، وفي الأصل: يعد.