وعظم توبيخهم بقوله : { الذي هم } أي بضمائرهم مع ادعائهم أنها أقوم الضمائر { فيه مختلفون * } أي شديد {[71041]}اختلافهم وثباتهم{[71042]} فبعضهم صدق وبعضهم كذب ، والمكذبون بعضهم شك وبعضهم جزم وقال بعضهم : شاعر ، وبعضهم : ساحر - إلى غير ذلك من الأباطيل-{[71043]} ، وذلك الأمر هو أمر النبي صلى الله عليه وسلم الذي أهمه البعث بعد الموت اشتد التباسه عليهم وكثرت{[71044]} مراجعتهم فيه ومساءلتهم عنه مع{[71045]} عظمه وعظم ظهوره ، والعظيم لا ينبغي الاختلاف فيه بوجه ، فإن ذا المروءة لا ينبغي له أن يدخل في أمر إلا وهو على بصيرة فكيف به إذا كان عظيماً فكيف به إذا تناهى عظمه فكيف به إذا كان أهم ما يهمه فإنه يتعين عليه أن يبحث عنه غاية البحث ويطلب فيه الأدلة ويفحص عن البراهين ويستوضح الحجج حتى يصير من أمره بعد {[71046]}علم اليقين{[71047]} إلى عين اليقين من حين يبلغ مبلغ الرجال إلى أن يموت فكيف إذا كان بحيث تتلى عليهم الأدلة وتجلى لديه قواطع الحجج وتجلب{[71048]} إليه البينات وهو يكابر فيه ويماري{[71049]} ، ويعاند ويداري .
قال الإمام أبو جعفر بن الزبير : سورة النبأ أما مطلقها فمرتب {[71050]}على تساؤل{[71051]} واستفهام وقع{[71052]} منهم وكأنه وارد هنا في معرض العدول والالتفات ، وأما قوله : { كلا سيعلمون ثم كلا سيعلمون } [ النبأ : 4 - 5 ] فمناسب للوعيد المتكرر في قوله :{ ويل يومئذ للمكذبين }[ المرسلات : 19 ] وكأن قد قيل : سيعلمون عاقبة تكذيبهم ، ثم أورد تعالى من جميل صنعه وما{[71053]} إذا اعتبره المعتبر علم أنه لم يخلق {[71054]}شيء منه{[71055]} عبثاً بل يعتبر به ويستوضح وجه الحكمة فيه ، فعلم أنه لا بد من وقت ينكشف فيه الغطاء ويجازي الخلائق على نسبة من أحوالهم في الاعتبار والتدبر{[71056]} والخضوع لمن نصب مجموع تلك الدلائل ، ويستشعر من تكرار الفصول وتجدد الحالات وإحياء الأرض بعد موتها ، جرى ذلك في البعث واطراد الحكم ، وإليه الإشارة بقوله : كذلك نخرج الموتى }[ الأعراف : 57 ] وقال تعالى منبهاً على ما ذكرناه { ألم نجعل الأرض مهاداً } [ النبأ : 6 ] إلى قوله :{ وجنات ألفافاً }[ النبأ : 16 ] فهذه المصنوعات المقصود بها الاعتبار كما قدم ، ثم{[71057]} قال تعالى :{ إن يوم الفصل كان ميقاتاً }[ النبأ : 17 ] أي موعداً لجزائكم لو اعتبرتم بما ذكر لكم لعلمتم منه وقوعه وكونه ليقع جزاؤكم على ما سلف منكم " فويل يومئذ للمكذبين " ويشهد لهذا القصد مما بعد{[71058]} من الآيات قوله تعالى لما ذكر ما أعد للطاغين :{ إنهم كانوا لا يرجون حساباً وكذبوا بآياتنا كذاباً وكل شيء أحصيناه كتاباً }[ النبأ : 27 - 29 ] ثم قال بعد :{ إن للمتقين مفازاً حدائق وأعناباً }[ النبأ : 31 - 32 ] وقوله بعد : { ذلك اليوم الحق } وأما الحياة الدنيا فلعب ولهو وإن الدار الآخرة لهي الحيوان ، وقوله بعد :{ يوم ينظر المرء ما قدمت يداه ويقول الكافر يا ليتني كنت تراباً }[ النبأ : 40 ] انتهى .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.