في ظلال القرآن لسيد قطب - سيد قطب [إخفاء]  
{هَمَّازٖ مَّشَّآءِۭ بِنَمِيمٖ} (11)

وهو هماز . . يهمز الناس ويعيبهم بالقول والإشارة في حضورهم أو في غيبتهم سواء . وخلق الهمز يكرهه الإسلام أشد الكراهية ؛ فهو يخالف المروءة ، ويخالف أدب النفس ، ويخالف الأدب في معاملة الناس وحفظ كراماتهم صغروا أم كبروا . وقد تكرر ذم هذا الخلق في القرآن في غير موضع ؛ فقال : ( ويل لكل همزة لمزة ) . . وقال : ( يا أيها الذين آمنوا لا يسخر قوم من قوم عسى أن يكونوا خيرا منهم ولا نساء من نساء عسى أن يكن خيرا منهن . ولا تلمزوا أنفسكم . ولا تنابزوا بالألقاب )وكلها أنواع من الهمز في صورة من الصور . .

وهو مشاء بنميم . يمشي بين الناس بما يفسد قلوبهم ، ويقطع صلاتهم ، ويذهب بموداتهم . وهو خلق ذميم كما أنه خلق مهين ، لا يتصف به ولا يقدم عليه إنسان يحترم نفسه أو يرجو لنفسه احتراما عند الآخرين . حتى أولئك الذين يفتحون آذانهم للنمام ، ناقل الكلام ، المشاء بالسوء بين الأوداء . حتى هؤلاء الذين يفتحون آذانهم له لا يحترمونه في قرارة نفوسهم ولا يودونه .

ولقد كان رسول الله [ صلى الله عليه وسلم ] ينهى أن ينقل إليه أحد ما يغير قلبه على صاحب من أصحابه . وكان يقول : " لا يبلغني أحد عن أحد من أصحابي شيئا فإني أحب أن أخرج إليكم وأنا سليم الصدر " .

وثبت في الصحيحين من حديث مجاهد عن طاووس عن ابن عباس قال : مر رسول الله - صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم - بقبرين ، فقال : " إنهما ليعذبان ، وما يعذبان في كبير . أما أحدهما فكان لا يستتر من البول ، وأما الآخر فكان يمشي بالنميمة " .

وروى الإمام أحمد - بإسناده - عن حذيفة قال : سمعت رسول الله [ صلى الله عليه وسلم ] يقول : " لا يدخل الجنة قتات " أي نمام [ ورواه الجماعة إلا ابن ماجه ] .

وروى الإمام أحمد كذلك - بإسناده - عن يزيد بن السكن . أن النبي [ صلى الله عليه وسلم ] قال : " ألا أخبركم بخياركم ? " قالوا : بلى يا رسول الله . قال : " الذين إذا رؤوا ذكر الله عز وجل " ثم قال : " ألا أخبركم بشراركم ? المشاءون بالنميمة المفسدون بين الأحبة ، الباغون للبرآء العيب " .

ولم يكن بد للإسلام أن يشدد في النهي عن هذا الخلق الذميم الوضيع ، الذي يفسد القلب ، كما يفسد الصحب ، ويتدنى بالقائل قبل أن يفسد بين الجماعة ، ويأكل قلبه وخلقه قبل أن يأكل سلامة المجتمع ، ويفقد الناس الثقة بعضهم ببعض ، ويجني على الأبرياء في معظم الأحايين !

 
تفسير القرآن الكريم لعبد الله شحاته - شحاته [إخفاء]  
{هَمَّازٖ مَّشَّآءِۭ بِنَمِيمٖ} (11)

هماز : عيّاب طعّان ، أو مغتاب .

مشاء بنميم : الذي يمشي بالنميمة بين الناس ليفسد بينهم .

10- همّاز مشّاء بنميم .

هو كثير الهمز واللمز ، بحّاث عن عيوب الناس ، مما يدلّ على عيب في ذاته ، وقد ذمّ الله هذا الخلق ، ونهى عن التماس عيوب الآخرين .

قال تعالى : ويل لكل همزة لمزة . ( الهمزة : 1 ) .

وقال تعالى : يا أيها الذين آمنوا لا يسخر قوم من قوم عسى أن يكونوا خيرا منهم ولا نساء من نساء عسى أن يكنّ خيرا منهن ولا تلمزوا أنفسكم ولا تنابزوا بالألقاب . . . ( الحجرات : 11 ) .

مشّاء بنميم .

إنسان وصولي ، حاقد على تواصل الناس وترابطهم ، فهو يمشي بالنميمة ، ويقطع أواصر الأخوّة ، ويحول أصدقاء الأمس إلى متباغضين ، وفي الأثر : ( من نمّ لك نمّ عليك ، ومن أخبرك بخبر غيرك أخبر غيرك بخبرك ) .

وقد أخرج أبو داود ، والترمذي من حديث ابن مسعود أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان ينهى أن ينقل إليه أحد ما يغيّر قلبه على صاحب من أصحابه ، وكان يقول : ( لا يبلّغني أحد عن أحد من أصحابي شيئا ، فإني أحبّ أن أخرج إليكم وأنا سليم الصدر )vi .

وقد ثبت في الصحيحين عن ابن عباس قال : مرّ رسول الله صلى الله عليه وسلم بقبرين فقال : ( إنهما يعذّبان وما يعذبان في كبير : أمّا أحدهما فكان لا يستتر من البول ، وأما الآخر فكان يمشي بالنميمة )vii .

وروى الإمام أحمد ، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال : ( لا يدخل الجنة قتات )viii .

وأورد الحافظ ابن كثير طائفة من الأحاديث النبوية الشريفة عند تفسير هذه الآية ، وكذلك صاحب ( في ظلال القرآن ) .

وأنقل لك هذا الحديث :

روى الإمام أحمد أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : ( ألا أخبركم بخياركم ) ؟ قالوا : بلى يا رسول الله ، قال : ( الذين إذا رؤوا الله عز وجل ) ، ثم قال : ( ألا أنبئكم بشراركم ؟ المشّاءون بالنميمة ، المفسدون بين الأحبة ، الباغون للبرآء العيب )ix .

 
تيسير التفسير لإبراهيم القطان - إبراهيم القطان [إخفاء]  
{هَمَّازٖ مَّشَّآءِۭ بِنَمِيمٖ} (11)

همّاز : عياب طعان .

مشّاء بنميم : كثير الوشاية والنميمة بين الناس .

فالآية عامة في كل من ينمُّ ويمشي بالسوءِ بين الناس ، ويثير الفتنَ والشرَّ بينهم .

وقد كان رسولُ الله صلى الله عليه وسلم ينهى أصحابه أن ينقلَ إليه أحدٌ منهم ما يُغيِّر قلبه على صاحبٍ من أصحابه . وكان يقول : « لا يبلّغني أحدٌ عن أحدٍ من أصحابي شيئا ، فإني أُحبّ أن أخرجَ إليكم وأنا سليمُ الصدر » ، رواه أبو داود والترمذي عن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه .

وروى الإمام أحمد والبخاري ومسلم وغيرهم عن حذيفة بن اليمان رضي الله عنه قال : سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : « لا يدخلُ الجنةَ فتّان » والفتان هو النمّام .

وهناك أحاديثُ كثيرة تحذّر من هذه الأخلاق الفاسدة ، فالإسلامُ جاء لينقِّيَ الأخلاقَ ، ويعلّم الناسَ الخير ، ورفيعَ الأخلاق ، والمعاملةَ الطيبة ، وحُسنَ المعاشرة ، وهو يشدِّد في النهي عن الخلُق الذميم الوضيع .

 
الجامع لأحكام القرآن للقرطبي - القرطبي [إخفاء]  
{هَمَّازٖ مَّشَّآءِۭ بِنَمِيمٖ} (11)

" هماز " قال ابن زيد : الهماز الذي يهمز الناس بيده ويضربهم . واللماز باللسان . وقال الحسن : هو الذي يهمز ناحية في المجلس ، كقوله تعالى : " همزة " . [ الهمزة : 1 ] . وقيل : الهماز الذي يذكر الناس في وجوههم . واللماز الذي يذكرهم في مغيبهم ، قاله أبو العالية وعطاء بن أبي رباح والحسن أيضا . وقال مقاتل ضد هذا الكلام : إن الهمزة الذي يغتاب بالغيبة . واللمزة الذي يغتاب في الوجه . وقال مرة : هما سواء . وهو القتات الطعان للمرء إذا غاب . ونحوه عن ابن عباس وقتادة . قال الشاعر :

تُدْلِي بود إذا لاقيتني كذباً *** وإن أَغِبْ فأنت الهامز اللُّمَزَهْ

" مشاء بنميم " أي يمشي بالنميمة بين الناس ليفسد بينهم . يقال : نم ينم نما ونميما ونميمة ، أي يمشي ويسعى بالفساد . وفي صحيح مسلم عن حذيفة أنه بلغه أن رجلا ينم الحديث ، فقال حذيفة : سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : ( لا يدخل الجنة نمام ) . وقال الشاعر :

ومولىً كبيت النمل لا خير عنده *** لمولاه إلا سعيُه بنميم

قال الفراء : هما لغتان . وقيل : النميم جمع نميمة .

 
نظم الدرر في تناسب الآيات و السور للبقاعي - البقاعي [إخفاء]  
{هَمَّازٖ مَّشَّآءِۭ بِنَمِيمٖ} (11)

ولما كان كل{[67454]} من اتصف بصفة ، أحب أن يشاركه الناس فيها{[67455]} أو يقاربوه ، لا سيما إن كانت تلك الصفة دنية ليسلم من العيب أو الانفراد به ، ولأن الشيء لما داناه ألف قال : { هماز } أي كثير العيب للناس في غيبتهم ، وقال الحسن : هو الذي يغمز بأخيه في المجلس ، أي لأن الهمز العض والعصر{[67456]} والدفع - من المهماز الذي يطعن به{[67457]} في بطون الدواب ، وهو مخصوص بالغيبة كما أن اللمز مخصوص بالمواجهة .

ولما كانت النميمة - وهي نقل الحديث على وجه السعاية - أشد الهمز{[67458]} أفاد أنه يفعله ولا يقتصر على مجرد النقل ، بل يسعى به إلى غيره وإن بعد{[67459]} فقال تعالى{[67460]} : { مشاء } أي كثير المشي { بنميم } أي ينقل ما قاله الإنسان في آخر{[67461]} وأذاعه سراً ، لا يريد صاحبه إظهاره ، على وجه الإفساد للبين ، مبالغ في ذلك بغاية جهده .


[67454]:- سقط من ظ وم.
[67455]:- زيد من ظ وم.
[67456]:- من ظ وم، وفي الأصل: العرض.
[67457]:- زيد من م.
[67458]:- من ظ وم، وفي الأصل: اللمر.
[67459]:- زيد من ظ وم.
[67460]:- زيد في الأصل: مبينا، ولم تكن الزيادة في ظ وم فحذفناها.
[67461]:- زيد من ظ وم.
 
التفسير الشامل لأمير عبد العزيز - أمير عبد العزيز [إخفاء]  
{هَمَّازٖ مَّشَّآءِۭ بِنَمِيمٖ} (11)

قوله : { هماز مشاء بنميم } الهماز الذي يغتاب الناس فيذكرهم بالسوء وفاحش القول في غيابهم . أما المشّاء بنميم ، فهو الذي يمشي بين الناس بالنميمة ليفسد بينهم ، فيوقع بينهم الخصومة والعداوة . وفي الحديث " لا يدخل الجنة قتّات " والقتات ، النمام .