ويوجهه أخيرا إلى الصبر . الصبر لربه : ( ولربك فاصبر ) . . وهي الوصية التي تتكرر عند كل تكليف بهذه الدعوة أو تثبيت . والصبر هو هذا الزاد الأصيل في هذه المعركة الشاقة . معركة الدعوة إلى الله . المعركة المزدوجة مع شهوات النفوس وأهواء القلوب ؛ ومع أعداء الدعوة الذين تقودهم شياطين الشهوات وتدفعهم شياطين الأهواء ! وهي معركة طويلة عنيفة لا زاد لها إلا الصبر الذي يقصد فيه وجه الله ، ويتجه به إليه احتسابا عنده وحده .
ولربك فاصبر : ولوجه ربك وابتغاء مرضاته ، فتخلق بالصبر .
ولربك وحده ، ومن أجل مرضاته سبحانه وتعالى ، فاصبر على تبليغ الدعوة والرسالة ، وتحمّل في سبيل ذلك مما تتحمله .
قال تعالى : إنما يوفّى الصابرون أجرهم بغير حساب . ( الزمر : 10 ) .
وقال الرسول صلى الله عليه وسلم : ( يقول الله تعالى : إذا وجّهت إلى عبد من عبيدي مصيبة في بدنه أو ماله أو ولده ، ثم استقبل ذلك بصبر جميل ، استحييت منه يوم القيامة أن أنصب له ميزانا ، أو أنشر له ديوانا ) .
قوله تعالى : " ولربك فاصبر " أي ولسيدك ومالكك فاصبر على أداء فرائضه وعبادته . وقال مجاهد : على ما أوذيت{[15562]} . وقال ابن زيد : حملت أمرا عظيما ، محاربةَ العرب والعجم ، فاصبر عليه لله . وقيل : فاصبر تحت موارد القضاء لأجل الله تعالى .
وقيل : فاصبر على البلوى ؛ لأنه يمتحن أولياءه وأصفياءه . وقيل : على أوامره ونواهيه . وقيل : على فراق الأهل والأوطان .
ولما كان الإنذار شديداً على النفوس يحصل به من المعالجات ما الموت دونه ، لأن ترك المألوفات أصعب شيء على النفوس ، وكذا ترك الفوائد ، قال أمراً بالتحلي بالعاصم{[69709]} بعد التخلي عن القاصم ، معلماً {[69710]}بأن الأذى{[69711]} من المنذرين أمر لا بد منه فيدخل{[69712]} في الطاعة على بصيرة ، فاقتضى الحال لذلك أن الإنذار يهون بالغنى{[69713]} عن الفانين والكون مع الباقي وحده ، فأشار إلى ذلك بتقديم الإله معبراً عنه بوصف الإحسان ترغيباً فقال : { ولربك } أي المحسن إليك ، المربي لك ، المدبر لجميع مصالحك وحده { فاصبر * } أي-{[69714]} على مشاق التكاليف أمراً ونهياً وأذى {[69715]}المشركين وشظف{[69716]} العيش وجميع البلايا{[69717]} ، فإنه يجزل عطاءك من خير الدارين بحيث لا يحوجك إلى أحد ، ويحوج الناس إليك ، ويهون عليك حمل المشاق في الدارين ولا سيما أمر يوم البعث ، فإن من-{[69718]} حمل العمل في الدنيا حمله{[69719]} العمل في الآخرة .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.