في ظلال القرآن لسيد قطب - سيد قطب [إخفاء]  
{أَوۡ يُوبِقۡهُنَّ بِمَا كَسَبُواْ وَيَعۡفُ عَن كَثِيرٖ} (34)

( أو يوبقهن بما كسبوا ) . .

فيحطمهن أو يغرقهن بما كسب الناس من ذنب ومعصية ومخالفة عن الإيمان الذي تدين به الخلائق كلها ، فيما عدا بعض بني الإنسان !

( ويعف عن كثير ) . .

فلا يؤاخذ الناس بكل ما يصدر منهم من آثام ، بل يسمح ويعفو ويتجاوز منها عن كثير .

 
تفسير القرآن الكريم لعبد الله شحاته - شحاته [إخفاء]  
{أَوۡ يُوبِقۡهُنَّ بِمَا كَسَبُواْ وَيَعۡفُ عَن كَثِيرٖ} (34)

27

المفردات :

يوبقهن : يهلكهن ، يقال للمجرم : أوبقته ذنوبه ، أي : أهلكته .

التفسير :

34- { أو يوبقهن بما كسبوا ويعف عن كثير } .

وإن شاء الله أهلك هذه السفن بسبب ما ارتكب أهلها من معصية أو شرك أو كفر ، وهو سبحانه يعاقب على القليل ، ويصفح عن الكثير ، ويتجاوز عن كثير من الذنوب ، فينجى أهلها من الهلاك .

وقال بعض المفسرين :

إن يشأ يرسل الريح عاتية قوية مدمرة ، فتضطر السفن أن تحيد عن طريقها ، آبقة عن الطريق المرسوم ، منصرفة ذات اليمين وذات الشمال ، منحرفة لا تسير على طريق ولا إلى جهة ، فيهلك من فيها إغراقا بسبب ما كسبوا من الذنوب .

قال ابن كثير :

وهذا القول مناسب للأول ، وهو أنه تعالى لو شاء لسكن الريح فوقفت ، أو لقواها فشردت وأبقت وهلكت ، ولكن من لطفه ورحمته أن يرسل الريح بحسب الحاجة ، كما يرسل المطر بقدر الكفاية ، ولو أنزله كثيرا جدا لهدم البنيان ، أو قليلا لما أنبت الزرع والثمار ، حتى إنه يرسل إلى مثل ( بلاد مصر ) سيحا من أرض أخرى غيرها ، لأنهم لا يحتاجون إلى مطر ، ولو أنزل عليهم لهدم بنيانهم وأسقط جدرانهم15 .

 
تيسير التفسير لإبراهيم القطان - إبراهيم القطان [إخفاء]  
{أَوۡ يُوبِقۡهُنَّ بِمَا كَسَبُواْ وَيَعۡفُ عَن كَثِيرٖ} (34)

يُوبِقْهُنَّ : يُهْلِكْهُنَّ .

أو يهلك أصحاب السفن بذنوبهم ، لكنه يعفو عن كثير فلا يعاجلُهم بالكثير من ذنوبهم .

   
الجامع لأحكام القرآن للقرطبي - القرطبي [إخفاء]  
{أَوۡ يُوبِقۡهُنَّ بِمَا كَسَبُواْ وَيَعۡفُ عَن كَثِيرٖ} (34)

قوله تعالى : " أو يوبقهن بما كسبوا " أي وإن يشأ يجعل الرياح عواصف فيوبق السفن أي يغرقهن بذنوب أهلها . وقيل : يوبق أهل السفن . " ويعف عن كثير " من أهلها فلا يغرقهم معها ، حكاه الماوردي . وقيل : " ويعفو عن كثير " أي ويتجاوز عن كثير من الذنوب فينجيهم الله من الهلاك . قال القشري : والقراءة الفاشية " ويعف " بالجزم ، وفيها إشكال ؛ لأن المعنى : إن يشأ يسكن الريح فتبقى تلك السفن رواكد ويهلكها بذنوب أهلها ، فلا يحسن عطف " يعف " على هذا لأنه يصير المعنى : إن يشأ يعف ، وليس المعنى ذلك بل المعنى الإخبار عن العفو من غير شرط المشيئة فهو إذا عطف على المجزوم من حيث اللفظ لا من حيث المعنى . وقد قرأ قوم " ويعفو " بالرفع ، وهي جيدة في المعنى .

 
نظم الدرر في تناسب الآيات و السور للبقاعي - البقاعي [إخفاء]  
{أَوۡ يُوبِقۡهُنَّ بِمَا كَسَبُواْ وَيَعۡفُ عَن كَثِيرٖ} (34)

ولما نبه بهذا الاعتراض بين الجزاء ومعطوفه على ما فيه من دقائق المعاني في جلائل المباني ، قال مكملاً لما في ذلك من الترغيب في صورة الترهيب : { أو } أي أو أن يشاء في كل وقت أراده ، واسند الإيباق إلى الجواري تأكيداً لإرادة العموم في هلاك الركاب فقال : { يوبقهن } أي يهلكهن بالإغراق بإرسال الريح وغير ذلك من التباريح حتى كأنهن بعد ذلك العلو في وقبه أي حفره ، وطاق في الماء وقعره ، وقد تقدم تحقيق معنى " وبق " بجميع تقاليبه في سورة الكهف ، ومنه أن وبق كوعد ووجل وورث وبوقاً وموبقاً : هلك ، والموبق كمجلس : المهلك وكل شيء حال بين شيئين لأن الوقبة تحول بين ما فيها وبين غيره ، ومنه قيل للموعد : موبق ، وأوبقه : حبسه أو أهلكه .

ولما كان الإهلاك لهن إهلاكاً للركاب ، قال مبيناً أنهم المقصودون مجرداً الفعل إشارة إلى أن ابن آدم لما طبع عليه من النقائص ليس له من نفسه فعل خال عن شوب نقص حثاً له على اللجوء إلى الله في تهذيب نفسه وإخلاص فعله : { بما كسبوا } أي فعلوا من المعاصي بجدهم فيه واجتهادهم .

ولما كان التقدير تفصيلاً للإيباق : فيغرق كل من فيهن إن شاء ويغرق كثيراً منهم إن شاء عطف عليه قوله : { ويعف } أي إن يشاء { عن كثير * } أي من الناس الذين في هذه السفن الموبقه ، فينجيهم بعوم أو حمل عى خشبة أو غير ذلك ، وإن يشأ يرسل الريح طيبة فينجيها ويبلغها أقصى المراد إلى غير ذلك من التقادير الداخلة تحت المشيئة ، فالفعل كما ترى عطف على يوبق ، وعطف بالواو لأنه قسم من حالي الموبقة ، وهو بمعنى ما روى عن أهل المدينة من نصب " يعفو " بتقدير " إن " ليكون المعنى : يوقع إيباقاً وعفواً .