فتح البيان في مقاصد القرآن للقنوجي - صديق حسن خان  
{أَوۡ يُوبِقۡهُنَّ بِمَا كَسَبُواْ وَيَعۡفُ عَن كَثِيرٖ} (34)

{ أَوْ يُوبِقْهُنَّ } أي يهلكهن بالغرق قاله ابن عباس والمراد أهلكهن يقال أوبقه أي أهلكه { بِمَا كَسَبُوا } من الذنوب ، وقيل بما أشركوا والأول أولى ، فإنه يهلك في البحر المشرك وغير المشرك { وَيَعْفُ عَنْ كَثِيرٍ } من أهلها بالتجاوز عن ذنوبهم ؛ فينجيهم من الغرق ، قرأ الجمهور يعف بالجزم عطفا على جواب الشرط ، قال القشيري ، وفي هذه القراءة إشكال لأن المعنى إن يشأ يسكن الريح فتبقى تلك السفن رواكد ، أو يهلكها بذنوب أهلها ، فلا يحسن عطف { ويعف } على هذا لأنه يصير المعنى إن يشأ يعف ، وليس المعنى ذلك بل المعنى الإخبار عن العفو من غير شرط المشيئة ، فهو إذن عطف على المجزوم من حيث اللفظ ، لا من حيث المعنى ، وقد قرأ قوم يعفو بالرفع وهي جيدة في المعنى ، قال أبو حيان : وما قاله ليس بجيد إذ لم يفهم مدلول التركيب ، والمعنى ألا إنه تعالى إن يشأ أهلك ناسا وأنجى ناسا على طريق العفو عنهم ، وقرئ بالنصب بإضمار إن بعد الواو .