كلا : كلمة يراد بها الزجر والردع .
سوف تعلمون : خطأ ما أنتم فيه من التكاثر والتباهي ، وكرر الجملة للتأكيد .
3 ، 4- كلاّ سوف تعلمون* ثم كلاّ سوف تعلمون .
كلاّ : ارتدعوا عن التنافس والتسابق في شئون الدنيا .
سوف تعلمون . سوف تعلمون عاقبة جهلكم ، وانشغالكم بما لا يفيد ، إذا دفنتم في قبوركم .
تأكيد للأول ، وزيادة في الزجر والتهديد .
كلاّ سوف تعلمون . ما ينزل بكم من العذاب في القبر .
ثم كلاّ سوف تعلمون . أي : في الآخرة إذا حل بكم العذاب . اه .
وبعد تنبيه الناس لأن يستيقظوا ويعملوا صالحاً ، جاء التوكيدُ على أن الناس سيُبْعَثون يوم القيامة ، ويرون بأعينِهم جهنّم .
وسوف يُسألون عن كل ما تنعّموا به في الدنيا فيقول :
{ كَلاَّ سَوْفَ تَعْلَمُونَ ثُمَّ كَلاَّ سَوْفَ تَعْلَمُونَ كَلاَّ لَوْ تَعْلَمُونَ عِلْمَ اليقين } .
لقد كرّر كلمة ( كَلا ) ثلاثَ مرّات ، وفي هذا زجرٌ وتهديد حتى يتنبّه الناسُ ويستيقظوا ، فتنبَّهوا أيها الناسُ ، وسارِعوا إلى الخيرات ، اعملوا لربّكم ودِينكم وأُمتكم ومجتمعكم .
" ثم كلا سوف تعلمون " : وعيد بعد الآخرة إذا حل بكم العذاب . فالأول في القبر ، والثاني في الآخرة ، فالتكرار للحالتين . وقيل :{ كلا سوف تعلمون } عند المعاينة ، أن ما دعوتكم إليه حق . { ثم كلا سوف تعلمون } : عند البعث أن ما وعدتكم به صدق . وروى زر بن حبيش عن علي رضي الله عنه ، قاله : كنا نشك في عذاب القبر ، حتى نزلت هذه السورة ، فأشار إلى أن قوله : { كلا سوف تعلمون } يعني في القبور . وقيل : { كلا سوف تعلمون } ، إذا نزل بكم الموت ، وجاءتكم رسل لتنزع أرواحكم . { ثم كلا سوف تعلمون } : إذا دخلتم قبوركم ، وجاءكم منكر ونكير ، وحاط بكم هول السؤال ، وانقطع منكم الجواب .
قلت : فتضمنت السورة القول في عذاب القبر . وقد ذكرنا في كتاب " التذكرة " أن الإيمان به واجب ، والتصديق به لازم ، حسبما أخبر به الصادق ، وأن الله تعالى يحيي العبد المكلف في قبره ، برد الحياة إليه ، ويجعل له من العقل في مثل الوصف الذي عاش عليه ؛ ليعقل ما يسأل عنه ، وما يجيب به ، ويفهم ما أتاه من ربه ، وما أعد له في قبره ، من كرامة وهوان . وهذا هو مذهب أهل السنة ، والذي عليه الجماعة من أهل الملة . وقد ذكرناه هناك مستوفى ، والحمد لله ، وقيل : { كلا سوف تعلمون } عند النشور أنكم مبعوثون{ ثم كلا سوف تعلمون } في القيامة أنكم معذبون . وعلى هذا تضمنت أحوال القيامة من بعث وحشر ، وسؤال وعرض ، إلى غير ذلك من أهوالها وأفزاعها ، حسب ما ذكرناه في كتاب " التذكرة بأحوال الموتى وأمور الآخرة " . وقال الضحاك : { كلا سوف تعلمون } يعني الكفار ، { ثم كلا سوف تعلمون } قال : المؤمنون . وكذلك كان يقرؤها ، الأولى بالتاء ، والثانية بالياء .
{ كلا سوف تعلمون } زجر وتهديد ، ثم كرره للتأكيد ، وعطفه بثم إشارة إلى أن الثاني أعظم من الأول . وقيل : الأول تهديد للكفار ، والثاني تهديد للمؤمنين . وحذف معمول ( تعلمون ) ، وتقديره تعلمون ما يحل بكم ، أو تعلمون أن القرآن حق ، أو تعلمون أنكم كنتم على خطأ في اشتغالكم بالدنيا ، وإنما حذفه لقصد التهويل ، فيقدر السامع أعظم ما يخطر بباله .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.